تشهد الساحة الليبية مؤخرًا حالة من الزخم حول موعد الانتخابات الجديد، وسط اجتماعات مستمرة، كان آخرها لقاء لجنة خارطة الطريق المشكّلة من قبل مجلس النواب، الاثنين، مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح؛ وذلك لمناقشة "أمور فنية" خاصة بعمل المفوضية.
اجتماعات مستمرة للجنة خارطة الطريق، التي شرحت طريقتها في التحرك، قائلة إنها "تواصلت مع كافة الأطراف الليبية لتوسيع قاعدة المشاركة، واستعادة القضية الليبية لليبيين بإيجاد حلول للوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والخروج من المراحل الانتقالية المتعاقبة".
وتشهد ليبيا حالة من الشد والجذب بين جميع القوى في الداخل حول موعد الانتخابات، مما يؤشر -بحسب محللين وخبراء- إلى سيناريوهين حول موعد الاستحقاق، وهنا أوضح المحلل السياسي الإيطالي والخبير في الشأن الليبي دانييلي روفينيتي، أنه في حالَ تمديد الموعد ستدخل البلاد مرة أخرى لسيناريو الفوضى.
تأجيل حتمي
ففي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أكد المحلل السياسي الإيطالي والخبير في الشأن الليبي، دانييلي روفينيتي، أن الموعد المطروح في 24 يناير الجاري، سيكون صعبًا للغاية نتيجة المعطيات الحالية، فحتى الآن لم يتم الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين للرئاسة، بخلاف المشاكل القانونية التي تلاحق بعض المرشحين؛ أبرزهم نجل القذافي ورئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة، الذي لم يحترم الالتزام الذي تم التعهد به مع الأمم المتحدة بعدم الترشح للانتخابات، حسب قوله.
وأضاف المحلل السياسي الإيطالي أن الوضع الراهن معقد للغاية في ظل حكومة وصفها بـ"غير الشرعية"، حيث انتهت مهامها رسميًّا في 24 ديسمبر الماضي، وفقًا للثقة التي منحها البرلمان لحكومة الدبيبة وخارطة الطريق الدولية.
وحول صعوبة الموعد، يتفق مع روفينيتي في الرأي رئيس مؤسسة سلفيوم للدراسات والأبحاث جمال شلوف، الذي أكد صعوبة تنفيذ الاستحقاق الشهر الجاري؛ نظرًا لحالة الصراع والانقسام التي لا تزال تسيطر على المشهد العام في الداخل الليبي.
أبرز السيناريوهات
ماذا بعد؟.. السؤال الذي أصبح الأكثر تكرارًا في الداخل الليبي، وهنا أوضح المحلل السياسي الإيطالي دانييلي روفينيتي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الأمور تتجه نحو تشكيل حكومة جديدة سيتم التصويت عليها من قبل البرلمان.
وتوقع المحلل الإيطالي أن تتم تلك الخطوة نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر القادم، مؤكدًا أن الحكومة الجديدة ستكون بالطبع بالتوافق بين شرقي وغربي البلاد، مستندًا في ذلك التصور إلى اللقاء الذي تم في بنغازي الشهر الماضي، بين عدد من مرشحي الرئاسة، أبرزهم المشير خليفة حفتر، والمرشح باشاغا.
من جانبه، يرى رئيس مؤسسة سلفيوم للدراسات والأبحاث جمال شلوف، أن الموعد المحتمل للانتخابات سيكون في أبريل المقبل، مستندًا في ذلك الموعد إلى سيناريوهين؛ الأول هو اختيار سلطة تنفيذية جديدة، لكن هذا التصور يفتقر إلى توافق من قبل الدول المتداخلة في الشأن الليبي، حيث ما زال هناك توافق من المجتمع الدولي على أهمية التركيز على الانتخابات.
وأضاف شلوف أن السيناريو الثاني يتمثل في تعديل وزاري بصيغة حكومة مصغرة، وتعديلات تشريعية تجيز لمفوضية الانتخابات الطعن على أحكام استئناف المرشحين للرئاسة، تمهيدًا لانتخابات لن تتجاوز شهري أبريل أو مايو المقبلين، مؤكدًا أن هذا السيناريو يحظى بدعم دولي.
ويتضح ذلك خلال التحركات المكثفة للمستشارة الخاصة بالأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، حيث التقت بالعديد من الأطراف الفاعلة في المشهد، وقد أكدت في جميع تلك اللقاءات الحاجة إلى إجراء الانتخابات "في أسرع وقت ممكن".
تحرك دولي لموعد جديد
وعن التحركات الدولية، يقول الكاتب الصحفي الليبي الحسين الميسوري، إن ويليامز تسعى إلى تمرير موعد جديد للانتخابات هو 21 يونيو المقبل، بحكم أن الاتفاق السياسي الذي توصل له ملتقى الحوار السياسي، أعطى أقصى مهلة للسلطة التنفيذية الحالية للبقاء في السلطة لمدة 18 شهرا.
وحذر الميسوري، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، من أن الانتخابات تلقى معارضة من أطراف كثيرة، على رأسها ما يسمى بـ"مجلس الدولة" المسيطر عليه تنظيم الإخوان، الذي يدرك أنه بتلك الانتخابات سيخرج من المشهد.
ولا ينفي الكاتب الليبي إمكانية تجدد الصراع مرة أخرى، حيث إن البعض لديه الاستعداد، بل والرغبة، من أجل انزلاق البلاد إلى هذا المنعطف الخطير، وإن كان الأمر مرهونًا أيضا بمواقف الدول الأجنبية الفاعلة في الملف الليبي.
ويعاني الشعب الليبي العديد من الأزمات وانعدام الخدمات التي أثرت على جميع مناحي الحياة اليومية، كما يتم تنظيم الاحتجاجات بشكل يومي؛ للمطالبة بالاستحقاق الانتخابي، واحترام إرادة أكثر من 2 مليون ليبي حصلوا على بطاقات الاقتراع.