أطلقت تونس، رسميا، المنصة الإلكترونية المخصصة لجمع اقتراحات المواطنين بشأن إصلاحات سياسية تعرض لاحقا على استفتاء شعبي، في خطوة جرى النظر إليها بمثابة "بداية مسار سياسي جديد يعزز سلطة الشعب".
وهذه أول استشارة وطنية يتم إطلاقها إلكترونيا في تونس، وقال وزير تكنولوجيات الاتصال التونسي، نزار ناجي، في تصريحات للإذاعة الوطنية، إنها "تتيح للمواطنين إبداء آرائهم على منصة إلكترونية في مواضيع مختلفة تشمل السياسة والاقتصاد والثقافة والتنمية والصحة والتعليم والانتقال الرقمي".
وكان الرئيس التونسي، قيس سعيد، قد أعلن عن هذه الاستشارة ضمن خارطة الطريق السياسية التي سيجري تطبيقها هذا العام وتنتهي بإعلان انتخابات برلمانية يوم 17 ديسمبر في ذكرى "عيد الثورة".
الشعب صاحب السلطة
الكاتب والمحلل السياسي التونسي، أيمن العبروقي، قال إن الحوار الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد مع الشعب التونسي وخاصة الشباب انطلق فعليا عبر إطلاق المنصة الإلكترونية التي ستستمع إلى مطالب الشباب وتطلعاتهم ومقترحاتهم في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وأضاف العبروقي لموقع "سكاي نيوز عربية"، "يشارك في التحضير لهذا الحوار كل من وزارات الشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية وتكنولوجيا الاتصال"، موضحا أنه "تم تكوين فرق متنقلة ستجري الحوارات مع المواطنين في المناطق النائية حيث لا توجد شبكة إنترنت".
وأكد أن قيس سعيد يعول كثيرا على هذا الحوار لإطلاق مسار التغييرات السياسية بالأساس لأنه يعتبر أن كل الحوارات السابقة مثل الحوار الوطني في 2013 برعاية المنظمات الوطنية التي نالت جائزة نوبل للسلام وتلته حوارات قرطاج واحد و2 زمن الرئيس الراحل قايد السبسي هي حوارات غير وطنية لأنها أقصت الشعب التونسي، كوانت مجرد صفقات سياسية.
وتابع "الرئيس قيس سعيد يعتبر أن "أي حوار ومسار إصلاح لا يكتسي أي شرعية ما لم يكن نابعا من الشعب صاحب السلطة الحقيقية".
وأكد على أن الرئيس منسجم تماما مع نفسه ووفي لوعوده، كما أن الدور في المرحلة المقبلة يقع على عاتق كافة القوى السياسية لبناء مرحلة جديدة.
تغيير جذري للمشهد
ولفت إلى أن هذا الحوار قد يساهم في تغيير جذري للمشهد السياسي بما أنه قد يفضي إلى قرار بصياغة دستور جديد وقانون انتخابي جديد يوافق تصور قيس سعيد وهو محور الحملة التفسيرية التي يقودها أنصاره.
ونوه إلى أن خطوات قيس سعيد تعد نهاية عصر الأحزاب الكلاسيكية التي ترشح قوائم يتم عبرها انتخاب نواب وبرلمان والأغلبية تشكل حكومة وهذا كله سينتهي عبر المسار السياسي الجديد.
ومضى قائلا "في حقيقة الأمر الوجوه السياسية التي تطلق على نفسها معارضة والتي تقودها حركة النهضة الإخوانية مع بعض الوجوه اليسارية والحقوقية التي شكلت زمن بن علي جبهة 18 أكتوبر تحاول اليوم تشكيل كيان سياسي معارض لقيس سعيد خوفا من مشروعه السياسي الذي سينهي وجودهم سياسيا".
وتابع العبروقي "هذا الكيان سيولد ميتا لأنه مبني على تقاطع مصالح بين أطراف كانت قبل أشهر متصارعة وحتى محاولاتها لكسب ود اتحاد الشغل ستبوء بالفشل".
الإصلاح والبناء
وعلى الصفحة الرئيسية لموقع الاستشارة الوطنية يمكن قراءة "لأن رأيك مهم من أجل الإصلاح والبناء، عملنا على تطوير منصة وطنية تمكن التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج من إبداء آرائهم في أمهات القضايا المتعلقة بالشأن السياسي والانتخابي (...)".
ويحصل المواطنون التونسيون على أرقام سرية للدخول إلى المنصة، وهي عبارة عن بوابة تضم 6 محاور لكل محور 5 أسئلة بالإضافة الى مساحة للتعبير الحر، وبحسب الوزير، ستمتد العمليات لمدة أسبوعين بدور الشباب في قاعات مخصصة للدخول إلى المنصة الإلكترونية بشكل تجريبي، وستفتح البوابة للعموم في منتصف يناير الجاري حتى يوم 20 مارس المقبل.
وفي 25 يوليو الماضي، أعلن الرئيس التونسي عن تدابير استثنائية شملت تجميد البرلمان وإقالة بالحكومة تلاها تعليق معظم مواد الدستور من جراء وجود خطر داهم على الدولة والتصدي للفوضى والفساد، وسط ترحيب كبير في البلاد بعد 10 سنوات عجاف من حكم تنظيم الإخوان الإرهابي.
وفي 13 ديسمبر، كشف سعيد عن خريطة طريق للخروج من الأزمة تنص على إجراء انتخابات تشريعية في ديسمبر 2022 بعد مراجعة القانون الانتخابي، واستفتاء في يوليو 2022 لتعديل الدستور.