"هي الحصان الأسود الذي أنجز ما عليه، والوحيدة التي لم تخذلنا".. بهذا لخص خبراء سياسيون وعسكريون ليبيون رأيهم في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، في تقييمهم لما مر على الليبيين من أحداث في 2021.
ومرَّ 2021 على الليبيين كما لم يمر عليهم عام؛ ذاقوا فيه حلاوة أمل لم يجدوها منذ سقوط حكم العقيد معمر القذافي قبل 10 سنوات، واختتم بخيبة أمل لم يتوقعوها.
وانعقد الأمل في إجراء انتخابات رئاسية ونيابية 24 ديسمبر تطوي آلام الفوضى والانقسامات، فيما حلَّت خيبة الأمل بإعلان تأجيلها إلى موعد آخر.
ولجنة (5+5) تكونت بعد مؤتمر برلين حول ليبيا 19 يناير 2020، باختيار 5 عسكريين من الجيش الوطني في شرق ليبيا، و5 آخرين من الحكومة بغرب ليبيا؛ لتشرف على اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش وبين الميليشيات القائمة في الغرب.
وخلال عام من توقيع الاتفاق نجحت اللجنة في حل الملفات العالقة، ومنها فتح الطريق الساحلي، ووضع خطة لإخراج المرتزقة من البلاد.
فتح الطريق الساحلي
استطاعت اللجنة العسكرية بجهودها، وبدعم دولي، فتح الطريق بعد إغلاقه نتيجة "حرب طرابلس" التي وقعت 2019 بين الجيش والميليشيات.
والطريق الساحلي أكثر الطرق حيوية؛ فعليه تسير حركة التجارة والتنقل من شرق البلاد لغربها، وبعد إغلاقه عامين أعلنت لجنة (5+5) فتحه يوليو الماضي بعد مفاوضات شاقة.
وظل الطريق منذ يوليو عرضة لخروقات متكررة بسبب الميليشيات، حيث وقعت مواجهات مسلحة في مناطق الزاوية والعجيلات ورشفانة أدت لقطعه، إلا أن اللجنة كانت دائمًا تنجح في إعادة فتحه.
وقف إطلاق النار
واستطاعت اللجنة تثبيت وقف إطلاق النار رغم تعرضه للانهيار؛ بسبب تجاوزات الميليشيات، وذلك بأن راقبت اللجنة عن كثب خطوط التماس بين الأطراف المتحاربة، ووضعت مراقبين محليين، ودعمت عمل مراقبين أجانب.
إخراج المرتزقة
وفي أكتوبر أعلنت لجنة (5+5)، أنها أقرت خطة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب "بشكل تدريجي ومتوازن ومتزامن"، مؤكدة "ضرورة جاهزية آلية المراقبة الليبية لاتفاق وقف إطلاق النار"، مع وجود مراقبين تابعين للأمم المتحدة قبل بدء التنفيذ.
ولتسريع الأمر، قامت بجولات مكوكية للدول المتماسة مع الملف، وهي تركيا وروسيا، واستضافت القاهرة اجتماعات للجنة مع ممثلي دول ينشط مرتزقة منها في ليبيا، ومنها تشاد، للاتفاق على طرق إخراجهم.
وانسحب 300 مرتزق في الأسابيع الأخيرة كخطوة للانسحاب الكامل.
قوة مشتركة لأول مرة
وكنواة لتوحيد المؤسسة العسكرية دعمت لجنة (5+5) تشكيل قيادة قوة مشتركة تجمع قوات الجيش وقوات من المنطقة الغربية؛ لتأمين النهر الصناعي بعد اعتداءات أثرت على مد المياه لبعض المدن.
الحصان الأسود
وبتعبير المحلل العسكري علي الزاوي فإنه "بالتأكيد لجنة 5+5 هي الأكثر نجاحًا، والحصان الأسود هذا العام، كانت لها أجندة واضحة تم تنفيذها على أكمل وجه".
وأضاف الزاوي أن اللجنة "نجحت في فتح الطريق الساحلي، وفي عقد لقاءات بالغة الأهمية بين الأطراف المتحاربة، بل استطاعت تشكيل قوة موحدة بينهم لأول مرة منذ 2011"، إضافة لإنجازها في ملف المرتزقة.
أما فيما يخص توحيد المؤسسة العسكرية، فرجَّح أن تكون مدة عمل اللجنة "مفتوحة حتى تحقيق كافة الأهداف"، مستندًا إلى "ثقة الليبيين بها أكثر من أي جسم مؤسسي آخر".
وفي تقدير المحلل السياسي الليبي سلطان الباروني، فإنه رغم أن اللجنة عملها عسكري "إلا أنها قد تكون ناجحة سياسيا أيضا".
وأرجع ذلك إلى أنه "من غير المتوقع أن تشرف اللجنة على لقاءات بين عسكريين كانوا من بضعة أشهر شاهرين الأسلحة في وجوه بعضهم"، أما وقد حدث فهذا "انتصار سياسي قبل أن يكون عسكريًّا"، داعيًا لدعم اللجنة؛ لأنها "الوحيدة التي لم تخذل الليبيين".