تتسابق الكتل والأحزاب السياسية العراقية في إعلان عدد مقاعدها داخل المجلس النيابي، وادعائها الدائم انضمام شخصيات جديدة إليها، وكتل صغيرة بهدف تكوين الكتلة الأكبر التي ستشكّل الحكومة المقبلة، وسط تشكيك حيال تلك الأرقام.
وأجرى العراق انتخابات نيابية مبكرة، ما زالت الخلافات بشأنها مستمرة، وذلك بسبب خسارة الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة أغلب مقاعدها، وسط توقعات بحسم المحكمة الاتحادية هذ الملف بعد أيام.
وحتى ذلك الحين، تعلن الكتل السياسية أرقاما "غير معقولة" بالنسبة لعدد مقاعدها داخل مجلس النواب، وانضمام كتل صغيرة وشخصيات مستقلة إليها، وذلك بهدف منحها حق تشكيل الحكومة المقبلة، أو تعزيز حضورها خلال المفاوضات بداعي حجمها الكبير.
وإذا كان ادعاء انضمام كتل إلى تحالفات آخر، يسهل اكتشافه، فإن أغلب الكتل لجأت إلى النواب المستقلين، حيث أعلنت غالبية تلك الأحزاب أن مستقلين سينضمون إليها، دون ذكر أسمائهم، ما يمنحها مناورة في رفع عدد أعضائها، عند حديثها عن الاستحقاق الانتخابي، أو لزوم مشاركتها في الحكومة المقبلة.
وترفض هذه الكتل ذكر أسماء المستقلين بداعي رغبتهم بذلك، وهو ما حصل لعدة ائتلافات أعلنت أن أعدادها ارتفع بشكل لافت، لكنها لم تتحدث عن الشخصيات أو الأحزاب التي انضمت إليها.
وفي هذا الإطار، قال النائب السابق وعضو قوى "الإطار التنسيقي" عبد الأمير التعيبان، إن تحالفه ارتفع من 52 مقعدا إلى 100، دون الكشف عن كيفية حصول ذلك.
وقال التعيبان في تصريح صحفي: إن "الإطار التنسيقي تجاوز الـ100 مقعد، والعدد في تزايد، بل سيكون هناك إجماع سياسي على تغيير الرئاسات الثلاث".
وتستهدف قوى الإطار التنسيقي، وهي تجمع سياسي تشكّل من الفصائل المسلحة الخاسرة في الانتخابات، إلى المشاركة القوية في الحكومة المقبلة، أو تشكيلها بالتحالف مع دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، وحصل على 35 مقعدا خلال الانتخابات، فيما حصل تحالف الفتح على 17 مقعدا فقط، نزولا من 48، كان قد حصل عليها خلال انتخابات عام 2018.
ولا توجد آلية رسمية، أو سياق معمول به، لكشف أعداد نواب الكتل الحقيقيين، وسط تضارب تصريحات أعضائها حول عددهم الفعلي، في ظل عدم وجود إلزام قانوني أو رسمي يجبر الكتل النيابية على تقديم كشوفات رسمية بعدد أعضائها.
وتحقق الكتل الكبيرة، في الغالب، مكاسب سياسية عبر المشاركة القوية في الحكومة، والحصول على عدة وزارات لأعضائها، فضلا عن عشرات المناصب الإدارية الوسطى، وعدد آخر من السفراء، وصولا إلى تعيينات في السلك الأمني، وغير ذلك، وهو ما يجعل الكتل السياسية ترفع من أعدادها وإن كان ذلك غير حقيقي.
تغطية على الفشل
وحول هذه الاستراتيجية، يرى المراقب للشأن العراقي، بلال السويدي، أن "لجوء الكتل السياسية إلى التراشق الإعلامي حول عدد أعضائها، يأتي للتغطية على كثير من فشلها في إقناع الناخبين ببرامجها، وحاجتها إلى مثل هذا الأسلوب، واستغلال الجو السياسي المتشنج، في ظل عدم وجود قانون يلزم الكتل بتقديم بيانات أعضائها بشكل رسمي".
وأضاف السويدي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "التدخل القانوني أصبح ضرورة ملحة، لتنظيم هذا الأمر، خاصة أنه يتعلق بتشكيل الحكومة، إذ تحدث الدستور العراقي عن الكتلة الأكبر، وهي الأكثر عددا، لكنه لم يحدد آلية معرفة ذلك، فضلا عن ارتباط هذا الأمر بالاستحقاق الانتخابي، إذ لا يمكن حرمان بعض الكتل من المشاركة في الحكومة، بداعي قلة عدد أعضائها، وإشراك كتل أخرى تدّعي بأن عدد أعضائها كبير".
ولفت إلى "ضرورة تشريع قانوني ينظم هذه الفوضى، ويجبر الجميع على اعتماد آلية واضحة وسياق موحد حول هذا الأمر".
وتتجه الأنظار نحو المحكمة الاتحادية التي من المقرر أن تعقد جلستها في الـ22 من الشهر الجاري، للبتّ في قضية إلغاء نتائج الانتخابات، وهو قرار لا يتوقع قانونيون حدوثه، بسبب غياب الدفوعات والطعون التي يمكن أن تؤثر على قرار القضاة.