أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الاثنين مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان لحين إجراء انتخابات تشريعية في البلاد، والاستفتاء على الدستور في مارس المقبل.
وقال سعيّد في كلمة متلفزة: "ندعو لتنظيم استفتاء شعبي إلكتروني بداية يناير المقبل، وننظم استفتاءات مباشرة على الدستور في أنحاء البلاد وفي الخارج تنتهي 20 مارس المقبل".
وأضاف أن مشاريع الإصلاحات الدستورية ستعرض على الاستفتاء في 25 يوليو 2022، مشيرا إلى أن البلاد ستشهد انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد في 27 ديسمبر من نفس العام.
وأكد خلال كلمته على استمرار محاكمات الفساد وملاحقة الفاسدين موضحا أن "بعض الأطراف كانت تتاجر بآلام الشعب التونسي في السنوات الماضية".
وتابع قائلا: "بلادنا مرت بسنوات صعبة في كل القطاعات كغياب الأمن ومكافحة الإرهاب وغلاء الأسعار وانتشار الفساد والعديد من الظواهر التي كانت تهدف لإسقاط الدولة".
وعن أهمية الإجراءات التي أعلنها سعيّد، أكد المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي على أهمية العمل وفق ما أعلنه الرئيس في إطار استراتيجية شاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي في تونس، وضرورة ملاحقة الفاسدين والمتورطين بقضايا إرهاب وتمويلات وفي مقدمتهم إخوان تونس من قيادات حركة النهضة.
وأشار الجليدي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الشعب التونسي "يلتف حول قرارات الرئيس ويدعمها بشكل كبير لأنه عاش تجربة حكم الإخوان فيما يطلق عليه (العشرية السوداء)، التي شهدت البلاد خلالها تدهورا غير مسبوق على جميع المستويات، فضلا عن استغلال قيادات التنظيم لمناصبهم في الدولة من أجل خدمة مصالح التنظيم الدولي".
ويرى الجليدي أن الدعوات التي أطلقتها حركة النهضة للتظاهر في البلاد، لا تعدو كونها محاولة لتعطيل إجراءات الرئيس، وتغيير قواعد الاشتباك السياسي على الأرض، وفرض تواجد الحركة التي باتت منبوذة في الشارع وليست لديها أي شعبية.
وأوضح المحلل السياسي أن تورط حركة النهضة الإخوانية في عشرات القضايا جعلها منبوذة من الشارع، وفقدت أي مصداقية أو شعبية لها، فضلا عن تلاعبها بالمؤسسات القضائية ومحاولة اختراقها واستغلالها إبان فترة حكمها للبلاد، وتعمد إخفاء نحو 60 ألف ملف يتعلق بالقضايا الاغتيالات السياسية والجهاز السري للتنظيم.
ومن جانبه يرى المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي أن الرئيس منسجم تماما مع نفسه ووفي لوعوده التي أطلقها في 25 وما قبل وما بعد، مؤكدا في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الدور في المرحلة المقبلة يقع على عاتق كافة القوى الوطنية والسياسية لبناء مرحلة جديدة قائمة على اعتبار حركة النهضة الإخوانية خارج المشهد السياسي.
وعبّر اليحياوي عن اعتقاده بأن الالتفاف حول القيادة السياسية وتوحيد صف القوى التونسية "أمر جيد لمواجهة التحديات التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن، وسيسهم في تذليل العقبات وتعميق الدعم الدولي لما يقوم به الرئيس سعيّد".
وحول التحركات المتوقعة من حركة النهضة للرد على قرارات الرئيس التونسي، خاصة أن راشد الغنوشي بدأ منذ شهور باستخدام لهجة تهديدية في حال عدم عودة البرلمان المجمد، يرى اليحياوي، أن "حركة النهضة كما عرفناها خلال العشرة سنوات الماضية، قد انتهت تماما وبالتالي كيف يمكن أن تتحور هذه الحركة وما الشكل الجديد الذي ستأخذه، بحيث تتموضع من جديد في الحياة السياسية والشارع التونسي، أمر يحمل الكثير من الاحتمالات".