تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية، الاثنين، أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وحتى 17 من شهر ديسمبر الجاري، وهو الحدث الأكبر في مجال منع ومكافحة الفساد على مستوى العالم، ويقام تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وترى الأمم المتحدة أن المؤتمر يعد علامة فارقة عالمية لتحسين التعاون الدولي ضد الفساد ومساعدة العالم على التعافي بنزاهة من وباء كورونا، إذ ستدعم الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف الجهود المبذولة لاستعادة الأمانة العامة، وتمتين المؤسسات الفعالة، وتعزيز التنمية المستدامة، وضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وهذه هي المرة الثانية التي ينعقد فيها مؤتمر الدول الأطراف في إفريقيا، ومن المتوقع أن يضم حوالي 2700 مشارك من الحكومات، والمنظمات الإقليمية، والمنظمات الحكومية الدولية، والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص في مصر أو عبر الإنترنت.
ومن المقرر أن تناقش الدورة الحالية للمؤتمر، الوقاية واسترداد الموجودات والتعاون الدولي، فضلاً عن قضايا الساعة مثل الملكية الفعلية وكيفية المضي قدماً في الالتزامات الواردة في الإعلان السياسي للدورة الاستثنائية للجمعية العامة لمكافحة الفساد.
وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المرجع العالمي لمكافحة الفساد وكيفية التعاون بين دول العالم في المجالات المرتبطة، وانضمت إليها مصر بأواخر عام 2003 إيمانا منها بأهمية التضافر الدولي لمنع الممارسات الفاسدة حول العالم.
ما هي اتفاقية مكافحة الفساد؟
دخلت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حيّز التنفيذ في ديسمبر 2005 وحصلت على الامتثال العالمي تقريباً، حيث صدّقت عليها كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريباً، وبلغ عددها 189 دولة. أحدث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي انضمّت إليها هي الصومال وسورينام.
وبموجب الاتفاقية، تلتزم الدول قانونًا بمنع الفساد وتجريمه، وتعزيز التعاون الدولي، واستعادة وإعادة الأموال المنهوبة، وتحسين المساعدة التقنية وتبادل المعلومات في كل من القطاعين العام والخاص.
تُلزم الاتفاقية الدول بتجريم مجموعةٍ واسعة من أعمال الفساد، بما في ذلك ليس أعمال الفساد الكلاسيكية مثل الرشوة واختلاس الأموال العامة فحسب، ولكن أيضًا المتاجرة بالنفوذ وإساءة استخدام الوظائف وإخفاء عائدات الفساد وتبييضها، وتغطّي أيضاً الفساد في القطاع الخاص.
وتلتزم الدول بموجب الاتفاقية بأن تقدّم لبعضها البعض أوسع نطاقٍ من المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والملاحقات والإجراءات القضائية، كما اتفقت الدول على التعاون فيما بينها في مجموعة متنوعة من المسائل الجنائية المتعلقة بالفساد، وهي مطالبة باتخاذ إجراءات من شأنها أن تدعم تعقّب عائدات الفساد وتجميدها وضبطها ومصادرتها.
إجراءات مشددة
وأصبحت مدينة شرم الشيخ في كامل حلتها لاستضافة المؤتمر، إذ جرى رفع درجة الاستعداد القصوى وتشديد الإجراءات الأمنية؛ لاستقبال المسؤولين والوفود المشاركة.
كما تم تشديد الإجراءات الطبية لمنع انتشار الإصابة بفيروس كورونا، عبر الدفع بـ34 سيارة إسعاف مجهزة كرعاية مركزة تم توزيعها بعد دراسة الكثافات البشرية المقرر حضورها للمؤتمر، والتأكيد على جاهزية مستشفى شرم الشيخ الدولي وتزويدها بأطقم طبية مجهزة.
كما تم تزويد مقر انعقاد المؤتمر بعيادتين طبيتين لمتابعة تطبيق الإجراءات الاحترازية، والتعامل الفوري مع أي الحالات المرضية.
رسالة ترحيب
بدوره، رحب رئيس هيئة الرقابة الإدارية، اللواء حسن عبد الشافي، بوفود مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية مُكافحة الفساد، مشددا على أن مصر قدمت عبر تاريخها نموذجاً حياً للتعايش بين مُختلف الثقافات والأعراق.
وأشار إلى أن مصر لعبت سياساتها التوافُقية دوراً حاسماً في حل الكثير من القضايا، ولم تتوانى الإرادة السياسية في مصر عن تقديم كافة أشكال الدعم للمُساعدة على تقارُب وجهات النظر وتدعيم القيم الأخلاقية وتحقيق الأمن والسلام والرخاء والتنمية لكافة الشعوب.
وذكر أن مصر تعتز باستضافة خبراء مكافحة الفساد على مستوى العالم للمُشاركة في حدث هو الأبرز على أجندة الأحداث الدولية في مجال منع ومُكافحة الفساد، معتبرا أن المؤتمر يشكل منصة أساسية لنا لنتحدث عن كيف يُمكننا أن نصون ونحمى مُقدرات شعوبنا التي تتطلع إلينا.
الفساد والإرهاب
أوضح الخبير الاستراتيجي سمير راغب، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأنظمة في العالم خصوصا في منطقتنا تواجه عدوين رئيسيين هما الإرهاب والفساد، وحال استطاعة أي دولة القضاء على هذين المُهددين يتحقق الجزء الأكبر بالأمن القومي.
وأضاف راغب أن مصر تعمل بنظرية العمل متعدد الأطراف؛ لأن قضايا الفساد في الأغلب هي قضايا أقرب للجريمة المنظمة التي يكون فيها تعدد للجنسيات والدول، كما أنها جرائم عابر للحدود، ومواجهتها تتطلب عملا متعدد الأطراف بمشاركة أجهزة أمنية ومخابرات مع تعاون أجهزة مصرفية.
وشدد على أن هذا المؤتمر يستهدف تنسيق تعامل الدول فيما يتعلق بمكافحة الفساد بكافة أبعاده سواءً كان البعد الأمني أو الجنائي أو المؤسسات الاقتصادية، لافتًا إلى أن القاهرة تقوم بجهود كبيرة سواءً على المستوى المحلي أو التعاون الدولي فيما يتعلق بأن تكون مصر خالية من غسيل الأموال وتتعاون مع باقي الدول إقليميا ودوليا للقضاء على جرائم الفساد بكافة أنواعها.
وأوضح الخبير المصري أن الرئيس السيسي أطلق يد هيئة الرقابة الإدارية في مواجهة كافة أشكال الفساد، ومن ثمَّ تم إعادة هيكلتها بحيث تكون قادرة على ملاحقة الفاسدين ولا يوجد أحد فوق القانون وأصبحنا نتعامل بمنتهى الشفافية.