جاء إعلان العراق رسميا عن انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابه من أراضيه، ليفتح الباب أمام عدة تخوفات أبرزها عودة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب تهديدات المليشيات الموالية لإيران بعد الخسارة المدوية في الانتخابات.
وقال قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي العراقي، الخميس "اليوم أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي والتي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق".
وأضاف المسؤول العراقي "ستستمر العلاقة مع التحالف الدولي في مجال التدريب والاستشارة والتمكين".
وخلال الآونة الأخيرة، عمد التحالف الدولي إلى إجلاء أكثر من 2100 شحنة من المعدات العسكرية، كما نقل أكثر من 1800 معدة؛ ما بين عربات ومدرعات ورافعات وصهاريج وغيرها من ملكيته إلى الجيش العراقي.
هذا التعاون جاء بموجب اتفاق بين رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، والرئيس الأميركي، جو بايدن، في الحوار الاستراتيجي بين البلدين لإنهاء المهام القتالية للقوات الأميركية، مع اعتبار القواعد العسكرية الأميركية بالعراق قواعد عراقية تعمل وفقا للقانون العراقي ومخصصة للمساعدة في الحرب على داعش.
وطالما حاولت الولايات المتحدة وضع حد لما يسميه الرئيس بايدن بـ "الحروب اللانهائية" في الشرق الأوسط، ومن هنا جاء الانسحاب المتسارع للقوات الأميركية من أفغانستان، حيث توجه الولايات المتحدة وحلفاؤها اهتمامهم بشكل متزايد نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي.
وأكد الكاظمي، مرارا، أن بلاده لست بحاجة للقوات القتالية الأميركية "لكن نحتاج للدور التدريبي والاستخباري".
وبعد 18 عاماً من الغزو الأميركي للعراق، لم يتبق للولايات المتحدة سوى 2500 جندي نظامي، بالإضافة إلى عدد محدود من القوات الخاصة التي تقاتل داعش، وتتركز القوات في ثلاث قواعد فقط، وعددها لا يذكر مقارنة بالقوة التي بلغ قوامها 160 ألفاً عند احتلال العراق عام 2003.
الواقع مغاير
المحلل العراقي، هاشم عبد الكريم، أشار إلى وجود فرق بين حالتي أفغانستان والعراق، رغم تقارب المشهد في مسألة الانسحاب الأميركي، موضحا أن واشنطن تعلمت الدرس جيدا ولن تغامر باستقرار العراق.
وأضاف عبد الكريم، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن طالبان كانت قد أحدثت اختراقا كبيرا في صفوف الجيش عبر شراء ذمم بعض القيادات ثم شنت الحرب".
وتابع الباحث السياسي "في كابل، كان الفساد قد استشرى في الجيش وبلغ مداه، لكن أحوال الجيش العراقي أفضل بكثير خلال السنوات السبع الماضية.
وأوضح أنه على مدار 7 سنوات، تعمل الدول العراقية على تفادي مأساة 2014، "حين انهار الجيش بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على الموصل عبر تأهيل القيادات وعدم تسييس عمل الجيش وهو ما ظهر جليا في الضربات الموجعة المتتالية لفلول التنظيم، فالقوات المسلحة هي التي تدير الحرب على الأرض".
استفادة إيرانية
واعتبر أن المستفيد الأكبر هو إيران التي تعمل بشكل مكثف منذ مقتل قائد مليشيا فيلق القدس، قاسم سليماني، مطلع العام الماضي على طرد القوات الأميركية لكي تصبح القوة المهيمنة بعدما نصبت رجالها في الجيش والبرلمان والحكومة.
ولفت إلى أن الخطر ليس من تنظيم داعش وإنما من السلاح المنفلت والمليشيات الموالية لإيران، فالتنظيم استنفد كل قوته على مدار السنوات الماضية وبات يبحث عن موطئ قدم آخر خارج البلاد، وساعد على ذلك استعادة سوريا سيطرتها على غالبية المناطق من يد المعارضة والتعاون الأمني بين البلدين.
وأشار إلى أن داعش يركز حاليا بشكل أكبر على استغلال المساحات غير الخاضعة للحكم في إفريقيا وأفغانستان بدلا من محاربة قوات الأمن المسلحة تسليحاً جيداً في قلب البلدان العربية، خاصة أنه إذا اكتشفت الولايات المتحدة أن تنظيم داعش يستعد لشن هجوم على المصالح الأميركية بالعراق، فمن المحتمل أن توجه واشنطن ضربات للتنظيم من جانب واحد.
وأكد ضرورة أن تكون هناك مبادرة حكومية بدعم دولي تنادي بحصر السلاح في يد الدولة وحل الميلشيات المنفلتة التي تهدد سيادة الدولة، ففي وقت سابق، هددت المصالح الأميركية وأرتال التحالف عبر الصواريخ البالسيتية و"الدرونز"؛ خاصة بعد محاولة اغتيال الكاظمي، الشهر الماضي.
ويعيش العراق أزمة سياسية كبيرة بعد خسارة المليشيات الموالية لإيران للانتخابات ورفضها للنتائج والضغط عبر التهديد بالسلاح وإثارة الفوضى، وسط تخوفات من تفاقم الأوضاع والدخول نحو الفوضى.
ومنذ عام 2019، شنت الميليشيات العراقية أكثر من 300 هجوم ضد الأهداف الأميركية، لكن الغالبية العظمى من تلك الهجمات تمت بواسطة صواريخ "كاتيوشا".