لا يخلو أي مشهد إعلامي من التناول السياسي للأحداث الهامة، ولكن كدولة مثل الدولة الليبية لا تخلو وسائل إعلامها في الوقت الراهن من الحدث الأبرز، وهو الانتخابات الرئاسية التي تعد الأولى للشعب الليبي.
انتخابات رئاسية تتبعها برلمانية لغلق 10 سنوات من النزاع المسلح، وكخطوة أولى نحو بناء مؤسسات الدولة التي انهارت خلال ما يسمى بـ"العشرية السوداء"؛ فكيف يتناول الإعلام الليبي الحدث الأبرز والأهم في وقت دقيق تمر به البلاد؟
يرى الليبيون ومتخصصون في الإعلام، أن وسائل الإعلام الليبية تنوعت في تناول الاستحقاق الانتخابي بين التحشيد نحو أهمية تلك الخطوة في الاتجاه الإيجابي وبين التحريض العلني، وسط أزمة ثقة يعيشها الشارع الليبي مع وسائل الإعلام المحلية.
تحشيد للرأي العام
في سياق تسليط الضوء على تناول الإعلام الليبي للاستحقاق الانتخابي الأول، يقول أستاذ الإعلام المساعد بقسم الإعلام في جامعة سرت، عبدالله محمد أطبيقة، إن الإعلام الليبي بجميع وسائلة يلعب دورًا هامة في اتجاهين، الأول هو التحشيد ومحاولة توجيه الرأي العام نحو الاستحقاق الانتخابي.
وأوضح في تلك النقطة خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن دور الإعلام الليبي ظهر في التحشيد خلال الفترة الماضية، فالإقبال على بطاقات الاقتراع كان ضعيف للغاية في البداية، ومع ترشح العديد من الأسماء مثل نجل القذافي حفتر والدبيبة، بدأ الإعلام في الحشد وانعكس ذلك في أعداد توزيع البطاقات التي زادت بشكل كبير.
في تلك الزاوية الخاصة بالتحشيد، يتفق الأكاديمي الليبي فرج سالم الكريمي، مع رأي أستاذ الإعلام عبدالله أطبيقة، حيث أكد أن الإعلام الليبي بصفة عامة يعمل على التحشيد نحو العملية الانتخابية ولكن بتوجيهات معينة.
وقال الأكاديمي الليبي فرج الكريمي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، إن كل قناة أو وسيلة إعلامية تتبع توجهه معين وهي بالتالي تسوق للانتخابات بما يلائم مصالح التوجه الذي تخدمه.
في السياق شدد الإعلامية الليبية حرية بويمامة، على ضرورة الالتزام المهني بالرسالة الإعلامية في ذلك التوقيت الدقيق التي تمر به البلاد.
وأكدت حرية بويمامة، خلال تصريحاتها لـ"سكاي نيوز عربية"، أن عدد كبير من وسائل الإعلام الليبية تقوم بدور وطني وبمنتهي الحيادية من زجل الوطن ولم الشمل مرة أخرى.
تحريض علني
وعن رسائل التحريض والعنف التي تبثها بعض وسائل الإعلام الليبية وبالأخص الرقمية، أكد أستاذ الإعلام المساعد بقسم الإعلام في جامعة سرت، أن هناك رسائل عنف وتحريض علني.
وسلط أستاذ الإعلام عبدالله أطبيقة، الضوء على دعوة مفتي تنظيم الإخوان الصادق الغرياني والذي حرض فيها على مقاطعة الانتخابات وبثتها القنوات ووسائل الإعلام التابعة للتنظيم.
وأدت تلك الدعوة إلى اقتحام الميليشيات المسلحة لمقر المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس وبدأت اعتصاما داخل أسوار المفوضية، معبرين عن رفضهم للعملية الانتخابية إلى حين إجراء استفتاء على الدستور.
وتأسف أطبيقة عن حالة بعض وسائل الإعلام في الداخل الليبي التي تدعو للعنف والتحريض والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد من زجل مصالح شخصية وأجندات معينة.
في تلك الزاوية أكد الأكاديمي الليبي فرج سالم الكريمي، أن بعض وسائل الإعلام أصبحت مسيسة بشكل كبير وهذا أدى لاختلاف وجهات النظر ما بين مؤيد للقيام بالانتخابات في موعدها لأنها تخدم مرشح معين؛ وما بين معارض لها لأنها لو قامت ستنهي من وجودهم على ساحة السياسية أو تضعه وبالتالي الضحية الوحيد هو المواطن.
أزمة ثقة
هنا أكد الإعلامي الليبي زياد طاهر بورايقة، أن الإعلام الليبي المطبوع "الصحف" بعيد جد عن الواقع الليبي، وفيما يخص الإعلام المرئي والقنوات فهناك أزمة ثقة لأنها للأسف تحشد لطرف على حساب طرفًا أخر.
وأوضح بورايقة، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الإذاعات المسموعة في كل مدينة هي التي تتمتع بثقة أهل وسكان تلك المدينة، ولكن الثقة مفقودة للأسف تمامًا في الإعلام المحلي.
ومن المقرر أن تشهد ليبيا أول استحقاق انتخابي لاختيار رئيس للبلاد في 24 ديسمبر الجاري، في حدث يحظى باهتمام ودعم دولي، وينظر كثيرون من الليبيين إلى أن الانتخابات المرتقبة بوصفها نقلة فاصلة على طريق خروج البلاد الغنية بالنفط من دوامة الفوضى التي غرقت بها منذ أكثر من عقد.