تبحث الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة في العراق عن وساطة تشركها في تشكيل الحكومة المقبلة، بعد تضاؤل فرصها في إحداث تغيير بنتائج الانتخابات عبر الاعتصامات والاحتجاجات.
وأجرى العراق انتخابات نيابية مبكرة في العاشر من أكتوبر الماضي، وما زالت الفصائل المسلحة ترفض الاعتراف بنتائجها، ولجأت إلى مختلف الطرق لإلغائها.
ووصلت تلك المجموعات إلى طريق مسدود فيما يتعلق بتحصيل المزيد من المقاعد في المجلس النيابي، حيث تمكنت من زيادة غلتها بمقعدين فقط، عبر الاعتراضات المتكررة، والضغط على مفوضية الانتخابات، لتصبح 17 مقعداً فقط، نزولاً من 48 كانت قد حصلت عليها خلال انتخابات 2018.
ووصلت تلك الفصائل إلى المرحلة الأخيرة، حيث أقامت دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات، فيما أطلقت مسارا آخر، نحو ضرورة تشكيل حكومة توافقية لتعزيز فرصها في الحصول على مناصب وزارية.
وتبنى تلك الدعوى، رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، الذي حشّد لها عدة محامين، وزاد من أوراق ضغطه، عبر حضوره المرافعة الأولى، مع قادة سياسيين من الوزن الثقيل ضمن "الإطار التنسيقي".
وأجلت المحكمة الاتحادية البت في الدعوى، إلى يوم 13 من الشهر الجاري، للنطق بالحكم في القضية المنظورة أمامها.
مساران للفصائل المسلحة
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي العراقي، عماد محمد، أن "المجموعات المسلحة، اعتمدت مسارين في سلوكها بعد خسارتها الانتخابات، الأول؛ عبر إطلاق حوار سياسي مع الأطراف الأخرى، وإرسال الوسطاء إلى الكتل السياسية بهدف تشكيل حكومة توافقية، تعزز حظوظهم في المناصب الوزارية، وتهوّن وقع الهزيمة عليهم".
ويرى المحلل العراقي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "المسار الثاني، هو اعتماد التصعيد والضغط، ورفع الدعاوى القضائية لإلغاء نتائج الانتخابات، وهو إجراء لا يمكن في الوقت الراهن، لعدة عوامل، وجملة ظروف تحول دون ذلك، أبرزها رفض المجتمع الدولي، مثل مجلس الأمن، وبعثة الأمم المتحدة، اللذين كانا مراقبين للعملية الانتخابية، ولم يؤشرا تلاعباً خطيراً يستحق إلغاء النتائج".
ولفت إلى أن "الفصائل المسلحة أطلقت حراكاً سياسياً مؤخراً، بهدف إشراكها في الحكومة المقبلة، تضمن زيارات غير معلنة، للقوى السنية والكردية".
وأبرز تلك المجموعات المعترضة على النتائج، هي: منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وعصائب أهل الحق، بقيادة قيس الخزعلي، المدرج على لائحة العقوبات الأميركية، وكتائب حزب الله، فضلاً عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.
ومنذ أيام تُجري مبعوثة الأمم المتحدة للعراق، جينين بلاسخارت، حراكاً داخل الأروقة السياسية، لتذويب الخلافات، وتعزيز فرص الحوار بين الأطراف المتنازعة، كان آخرها زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في النجف، الثلاثاء، فيما برزت تساؤلات عن خطة بلاسخارت، وفيما إذا كانت تدفع نحو مسار حكومة التوافق، أو حكومة الأغلبية.
ترقب للجلسة المقبلة
وفي هذا الإطار، قال قيادي في التيار الصدري، إن "زيارة بلاسخارت الأخيرة إلى الصدر لم تطرح إجراء تسوية مع الفصائل المسلحة، وتشكيل حكومة توافق، بل طرحت رؤية المجتمع الدولي، ومجلس الأمن حول الانتخابات العراقية، والانطباع الناشئ عنها".
وأضاف القيادي، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "زعيم التيار مقتدى الصدر، لا يمكن أن يقبل بإجراء تسوية أو صفقة تشرك الجهات الخاسرة في تشكيل الحكومة المقبلة، بل هناك إصرار داخلي في التيار على حكومة الأغلبية، ورفض أية وساطات، قد تدفع نحو مسار حكومة يشترك فيها الجميع، ولا يمكن أن يتحمل أحد مسؤوليتها".
ووتتجه الأنظار نحو المحكمة الاتحادية، التي من المقرر أن تعقد جلستها في 13 من الشهر الجاري، للبت في قضية إلغاء نتائج الانتخابات، وهو قرار لا يتوقع قانونيون حدوثه، بسبب غياب الدفوعات والطعونات التي يمكن أن تؤثر على قرار القضاة.