جددت القوى السياسية التونسية مطالبها بفتح تحقيقات عاجلة في ملفات الفساد المستشري في سنوات حكم الإخوان للبلاد في مختلف مناحي الحياة.
ويصف المراقبون التونسيون سنوات حكم جماعة الإخوان في البلاد والتي امتدت من 2011 وحتى 2021، بأنها "العشرية السوداء" في تاريخ تونس، حيث شهدت فيها البلاد انهيارا اقتصاديا غير مسبوق، وتدهورا صحيا ظهر جليا في تفشي وباء كورونا بالبلاد وفشل الحكومة في مواجهته.
وتعليقا على هذه الفترة، قال المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن بلاده مرت بعشر سنوات عجاف في ظل حكم جماعة الإخوان الإرهابية، نجحت في بدايتهم من التسلل إلى السلطة من بوابة الدين، ثم مارست كافة أشكال الفساد في البلاد.
وأضاف الجليدي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأوضاع السياسية والاقتصادية وكذلك الحقوق والحريات العامة "شهدت انتكاسة غير مسبوقة في سنوات حكم التنظيم، الذي عمل على تفكيك الهوية، واستغلال كافة المواقع والمناصب التي نجح في الوصول إليها لخدمة مصالحه الخاصة، فضلا عن الانتهاكات التي مارستها قياداته ضد المرأة التونسية وكان أبرزها الاعتداء على النائبة التونسية عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر في قلب البرلمان وأمام الجميع".
وأشار المحلل السياسي التونسي إلى أن الإخوان "خدعوا الشعب التونسي بالحديث عن شعارات زائفة حول الديمقراطية والرخاء الاقتصادي والمشروعات التنموية، ونجحوا في عقد تحالفات سياسية مع مختلف القوى التي مثلت ما يسمى (الطابور الخامس)، منذ عام 2006، باعتبارها خطوات تمهيدية لمخططها الأكبر".
اقتصاد منهار وفساد بالجملة
وعن تأثير الإخوان على الحياة الاقتصادية في تونس، أوضح الخبير الاقتصادي، قيس مقني، أن عشر سنوات فقط منذ دخول حركة النهضة إلى تونس كانت كافية لتحدث شللا اقتصاديا غير مسبوق في البلاد منذ أزمة 1984 أواخر فترة حكم الحبيب بورقيبة .
وأوضح مقني في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن أبرز "المؤشرات الاقتصادية والنقدية بتونس سجلت تراجعا ملحوظا بارتفاع معدلات الدين العام ونسبة البطالة، كما بلغ عجز الميزان التجاري للبلاد منذ 2011 مستويات غير مسبوقة".
وأكد الخبير الاقتصادي أن الحركة الإخوانية استحوذت على المجموعات الاقتصادية الوزارية في تونس عبر إدارة شؤون الدولة منذ بداية حكمها إلى حين تجميد نشاط مجلس النواب بقرار رئاسي من الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو الماضي، وهو ما نتج عنه انهيار شبه كامل في كافة القطاعات دون تحقيق أي معدلات نمو.
وبيّن مقني أن الانهيار الاقتصاد بتونس "تتحمل مسؤوليته حركة النهضة فقط، باعتبارها الطرف الوحيد الذي استمر في الحكم دون انقطاع".
وتساءل "أين استنزفت خزينة الدولة عام 2012، وماذا عن التعويضات التي أقرتها الحركة وقدمتها لأنصارها مكافئة لما اعتبروه نضالا خلال فترة حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي".
وشدد مقني على أن فترة حكم الإخوان، تسببت بانهيار تام في قيمة العملة الوطنية نتيجة تراجع نمو الاقتصاد، وعجز الميزان التجاري، الناجم عن زيادة نسبة الواردات وخصوصا التركية، حيث بلغ العجز المسجل مع تركيا 4 مليار دينار (1.5 مليار دولار)، كما بلغ التضخم معدلات قياسية ارتفعت من خلاله نسبة البطالة، لأول مرة، منذ فترة حكم بن علي.
ولفت إلى أن السياسات الاقتصادية الإخوانية الفاشلة أدت لارتهان الدولة التونسية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وأغرقتها في دوامة القروض الدولية و"الترقيعية".
قبل حكم "النهضة"
قبل تولي الإخوان الحكم سواء في الحكومة أو البرلمان منذ العام 2011، كانت تونس تنعم بسنوات النهضة الاقتصادية، واليوم مع فشلهم في إدارة الملف الاقتصاد أعادوا البلاد عقودا للوراء.
ووصلت الديون الخارجية لتونس لأكثر من 35.7 مليار دولار، كما أن البلاد مطالبة بسداد نحو 5.4 مليار دولار منها في العام الجاري أي ما يزيد على 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها بحاجة لحوالي 6 مليارات دولار لسد العجز في ميزانية 2021.
وعام 2010، بلغ متوسط الدين العام المستحق على تونس 16 مليار دولار، وصعد تدريجيا مع عهد الإخوان ليستقر عند 20.63 مليار دولار بنهاية 2016، مواصلا الصعود إلى 25 مليار دولار في 2017، ثم 29 مليار دولار بنهاية 2020، ومن المتوقع أن يسجل الدين العام 35 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري.
وبلغ العجز المالي 11.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو الأعلى منذ ما يقرب من 4 عقود.