مع إعلان قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الثلاثاء، ترشحه للانتخابات الرئاسية، فإن ما كان يخشاه تنظيم الإخوان قد تحقق عملياً من خلال ترشح حفتر ومن قبله سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الراحل معمر القذافي.
وجاء الترشيحان وسط تهديدات ما فتئ عناصر التنظيم يطلقونها خلال الأيام الأخيرة بخصوص ترشح الطرفين بما لديهما من رصيد وحظوظ في تلك الانتخابات، وهي التهديدات التي يقول محللون إنها تشكل خطراً حقيقياً على الأجواء المحيطة بالعملية الانتخابية.
ووسط تفاؤل حذر، يحبس الليبيون أنفاسهم انتظاراً ليوم 24 ديسمبر المقبل، وهو موعد إجراء الانتخابات، المحطة المفصلية الرئيسية التي يتحدد بناءً عليها مستقبل البلاد، بعد سنوات من الاضطرابات والفوضى عانى خلالها الليبيون على الصُعد كافة. في خط متوازٍ مع توقعات بـ "سيناريوهات مفتوحة" تلوح في الأفق بشأن مسار تلك الانتخابات؛ لجهة ما يصاحبها من أجواء مشتعلة مملوءة بالتحديات.
إصرار دولي
يعلق المحلل السياسي الليبي، فائز العريبي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" على تلك التهديدات، بالقول إن "هناك إصراراً واضحاً من المجتمع الدولي على إنجاز خارطة الطريق وإجراء الانتخابات في موعدها، وهذا ما يتم تأكيده مراراً في كل المحافل الإقليمية والدولية".
ويردف قائلاً: "نحن لا نُضخم تنظيم الإخوان وتهديدات الميلشيات.. الإخوان يحاولون عرقلة الاستحقاق الانتخابي، ويسعون بقدر الإمكان إعلامياً وسياسياً أن يؤكدوا أن العملية الانتخابية ستواجه العراقيل، وهو نوع من أنواع الإرهاب للشعب الليبي، بما يفضح تركيبتهم الفكرية والعقائدية المبنية على الإرهاب.. لكن أمام إصرار المجتمع الدولي على إجراء الانتخابات أعتقد بأنهم (الإخوان) لن يمضوا بعيداً وسوف تُصدر إليهم التعليمات بأن يكفوا عن هذا العبث".
خطر حقيقي
في المقابل، يعتقد السياسي والحقوقي الليبي سراج التاورغي، بأن "الانتخابات الليبية في خطر" ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل واضح وحاسم، قائلاً: "أجزم بأن الإخوان في ليبيا قد جن جنونهم بعد ترشح القذافي وحفتر، وقد رأيناهم يحاصرون مفوضية الانتخابات في المنطقة الغربية ويوجهون تهديدات واسعة لها".
ويتابع في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، "أعتقد -بعد إعلان حفتر ترشحه وهو صاحب حظوظ كبيرة في الفوز بالانتخابات- فإن الإخوان في ليبيا والمجموعات التابعة سوف يصعدون ضد المفوضية العليا للانتخابات، وهذا ما يجعل الانتخابات في خطر حقيقي ما لم يكن هناك تحرك جاد من المجتمع الدولي.
ويعتبر أن هذه التهديدات الإخوانية تشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار المجتمعي والسلام في ليبيا، كما أنها تذكر بما حدث في انقلاب "فجر ليبيا" عندما انقلب الإخوان ومن يدور في فلكهم على الانتخابات التشريعية في العام 2014 بما فجر الأزمة السياسية بالبلاد حينها.
ويردف السياسي الليبي قائلاً: "هناك هاجس كبير لدى الشعب الليبي من الانقلاب على نتائج الانتخابات القادمة ورفض نتائجها، لا سيما في ظل التصريحات والتهديدات الأخيرة (..) تشكل الانتخابات تحدياً كبيراً أمام الشعب الليبي، ويأمل الليبيون مرحلة جديدة تشهد استقراراً مع انتخاب رئيس ليحكم ليبيا الموحدة وبرلمان منتخب".
وبحسب الجدول الزمني الذي أعلن عنه رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، فإن عملية تلقي الطلبات للانتخابات الرئاسية تستمر حتى 22 نوفمبر، وللبرلمانية حتى 7 ديسمبر.
غموض
وبدوره، يشير رئيس مجموعة العمل الوطني في ليبيا، المحلل السياسي خالد الترجمان، إلى أن "المشهد في ليبيا لا يزال يكتنفه كثير من الغموض، وكذا تخوفات حتى لما بعد الانتخابات؛ بالنظر إلى تهديدات ومواقف المتحكمين في المشهد غرب البلاد في حال تمكن المشير خليفة حفتر من النجاح من الجولة الأولى بعد إعلان ترشحه".
ويلفت في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن هناك "حالة من الاصطفاف في الجانب الميلشياوي" والجماعات المقاتلة المختلفة في محاولة للعمل على التأثير على الانتخابات أو تأخيرها قدر الإمكان من خلال افتعال العراقيل؛ خشية تلقي هزيمة نكراء، لا سيما في الانتخابات الرئاسية.
بينما يتحدث في الوقت نفسه عن وجود دفعة دولية من أجل الوصول إلى تاريخ 24 ديسمبر 2021 وإجراء هذه الانتخابات بشكل آمن، على رغم استمرار إرسال مزيد من المقاتلين إلى تركيا. لكنه يُلمح إلى صعوبة الموقف برمته، لا سيما بعد تصريحات أطراف هددت من خلالها بمئات الآلاف من القتلى في حرب شعواء إذا نجح حفتر، بما يكشف حجم العراقيل والتهديدات الراهنة. لكنه في الوقت نفسه يتحدث عن "إصرار الدول الفاعلة في المشهد الليبي على إجراء الانتخابات".