يرى مراقبون للمشهد السياسي العراقي ما بعد الانتخابات العامة التي جرت في شهر أكتوبر المنصرم، أن محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الفاشلة، قد ارتدت عكس ما كان مخططا لها من قبل منفذيها، وأنها قد قوت من موقع الكاظمي سياسيا وشعبيا، وعلى المستويين العربي والدولي، وعززت حظوظه في العودة لرئاسة الوزراء.
ويبدو الاتفاق على شخصية وسطية ومقبولة لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة صعبا للغاية، وذلك بسبب ظروف الانقسام الحاد بين مختلف القوى السياسية العراقية، والتجاذبات وتبادل الاتهامات بينها على خلفية نتائج الانتخابات، ما يعقّد من عملية التوافق حول من يكون رئيس الوزراء القادم، وبما ينذر بإطالة أمد المفاوضات بين الكتل السياسية للاتفاق حول حزمة الرئاسات الثلاث، البرلمان والجمهورية والحكومة، لأشهر طويلة بما سينعكس سلبا على الأوضاع الأمنية والسياسية العامة في البلاد.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث السياسي العراقي رعد هاشم، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" إن: "الجهات التي تختار رئيس الحكومة العراقية، هي كما يفترض النافذة والفائزة في الانتخابات من حيث المبدأ، لكن في الواقع ثمة مع الأسف لاعبون آخرون لهم يد في تحديد شخص رئيس الوزراء المقبل، كما جرت العادة، وهم المرجعية في النجف وواشنطن وطهران".
وأضاف هاشم: "بالنسبة للولايات المتحدة وحتى قبل محاولة الاغتيال لديها رغبة واضحة بإعادة اختيار الكاظمي لولاية جديدة، لكن إيران ليست متحمسة لذلك، كونه يزعجها بسياساته المنفتحة على العالم العربي وبمواقفه الصارمة إزاء الميليشيات الموالية لها، وتبقى المرجعية الشيعية التي لم يصدر شيء عنها بعد لكنها بتصوري لن تعارض التجديد للكاظمي، وربما ضمن شروط محددة تراها هي، وتظل القوى السياسية الفاعل الأخير بعد الذين ذكرناهم سابقا، ومواقفها وتوجهاتها مرهونة لحد كبير بمواقف تلك الجهات الثلاث كل حسب الطرف الأقرب له وهكذا".
أما الكاتب السياسي العراقي علي البيدر، فيرى في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن "محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية، ساهمت ولا شك في رفع أسهمه الشعبية، وفي فضح حقيقة الميليشيات المسلحة التي أثبتت أنها محض جماعات خارج عن القانون وضد الديمقراطية".
وتابع قائلا: "محاولة الاغتيال الفاشلة، ستنعكس إيجابا على الدفع نحو تكريس بناء وتقوية مؤسسات الدولة، والتجربة الديمقراطية في العراق، فالكاظمي بات يتمتع بدعم كبير على المستوى الشعبي والسياسي داخليا وعلى الصعيدين العربي والدولي، وهذا قد ينعكس إيجابا لصالح ترجيح كفة عودته رئيسا للوزراء في الحكومة العراقية المقبلة".
واختتم البيدر حديثه قائلا: "بات الكاظمي في موقف أقوى بتصديه للتحديات العاصفة بالعراق، وخاصة في معالجة ملف الميليشيات التي باتت دولة ضمن الدولة مع الأسف، والتي استهدفت مباشرة رأس السلطتين التنفيذية والعسكرية في البلاد، وهو ما يعد تطورا خطيرا جدا".