بدأت التحذيرات من مخطط عرقلة الانتخابات في ليبيا، تتحول إلى وقائع على الأرض، حيث كانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات المستهدفة، فيما ينذر بأن "حربا شاملة" على استحقاق ديسمبر تلوح في الأفق.
وثارت ضجة حينما نُشر تصريح لرئيس المفوضية على صفحتها بموقع "فيسبوك"، يعلن فيه رفض ترشح سيف الإسلام، نجل العقيد معمر القذافي، إلا أنه اتضح بعد ذلك أن الصفحة تعرضت لـ"هجوم" إلكتروني، حيث أقدم مجهولون على اختراقها ونشر "التصريح المكذوب"، بحسب رئيس قسم التقنية بالمفوضية فيصل رحيل، الذي أشار إلى أن العمل لازال مستمرا حتى الساعة لاسترجاعها.
وتساءل المحلل السياسي الليبي أحمد فايز عن كيفية حدوث الهجوم، خصوصا وأن الصفحة "موثقة" من "فيسبوك"، ما يعني أنها أكثر تأمينا من قبل التطبيق العالمي، محذرا من استقطاب أفراد بالمركز الإعلامي للمفوضية من أطراف تسعى إلى خلط الأوراق وإفساد الانتخابات.
ونبه فايز إلى أنها ليست الواقعة الأولى، بل الثالثة على التوالي، حيث كانت المرة السابقة حين نشر بيان حول شروط ترشح الرئيس، قبل أن تحذفه الصفحة، ويوضح القائمون عليها أنه "نشر بالخطأ".
إغلاق مكاتب المفوضية
وفي حين، أغلقت مكاتب الإدارات الانتخابية في كل من "الزاوية والخمس والجميل ورقدالين وزليطن وزليتن وغريان" بحسب ما كشفته مصادر، التي أشارت إلى محاولة بعض الجهات التدخل من أجل إعادة العمل بها مرة أخرى.
ويبدو أن وعيد رئيس مجلس الدولة الإخواني، خالد المشري، الذي أطلقه قبل أسابيع، تحقق، حينما دعا علانية إلى "حصار" المقرات الحكومية والمفوضية، محرضا على "عدم المشاركة" في الاستحقاق المقبل سواء كناخبين أو مرشحين.
كما وجه التهديدات إلى الليبيين قائلا: "لا تستهينوا بهذا الجمع ومن يقف وراءنا، وسنفعل أي شيء لتجنب انتخاب أشخاص لا نريدهم"، مشبهًا ترشح هؤلاء بـ"النازية والفاشية".
وقال المحلل السياسي الليبي أسامة علي، إن من أقدموا على غلق مكاتب المفوضية تلقوا أوامرهم من المشري وأيضا مفتي الإخوان في ليبيا الصادق الغرياني.
تحريض الغرياني
ودعا الغرياني، في أحدث ظهور تلفزيوني له، من وصفهم "بالقوة الفاعلة والثوار والوطنيين والأحرار" إلى الاجتماع وتوحيد الصفوف، وأن يصدروا "بياناً قوياَ مصحوباً بقعقعة السلاح" وأن "لا يسمحوا أبدا بالانتخابات".
ويعلق علي، أن تلك الوقائع تكشف أنه لا وجود لسيطرة أمنية أو عسكرية غرب البلاد، الأمر الذي ينذر بتكرارها، وذلك مع قرب انعقاد الاستحقاق الانتخابي في 24 ديسمبر المقبل.
وتصبح وعود المجتمع الدولي بشأن معاقبة المعرقلين، أمام هذه المحاولات، أمام اختبار حقيقي، حسب المحلل السياسي الليبي عبدالرحمن شنينة.
ويرى شنينة أن الجميع ينتظر الآن تحركا من الدول الكبرى التي أطلقت تلك التعهدات خلال مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا مؤخرا، وقبله، متخوفا من أن يتخلى المجتمع الدولي مجددا عن ليبيا، وهو الأمر الذي أدخلها في دوامة الصراع والفوضى طوال السنوات الماضية.