تواجه حركة النهضة الإخوانية في تونس اتهامات متزايدة بتأجيج احتجاجات عقارب، وتوظيفها لإنجاح مناوراتها السياسية، فيما يؤكد شهود عيان أن منتسبين للحركة تسللوا بين المتظاهرين لتوتير الأجواء والدفع باتجاه المواجهة مع الشرطة.
يأتي هذا بينما يخرج المئات للشارع في مدينة عقارب بمحافظة صفاقس جنوبي البلاد، احتجاجا على وضع بيئي وصحي متفاقم منذ سنوات، عجزت الحكومات المتعاقبة على تقديم حلول ناجحة لحلحلته.
ويعتبر مراقبون أن التركة الثقيلة التي خلفتها سنوات حكم حركة النهضة في تونس تبدو أحد أوجهها صحية وبيئية، تتعلق بفشل واضح في إدارة ملف معالجة النفايات التي لا زالت تردم بطريقة كلاسيكية دون فرز أو إعادة تدوير، فضلا عن انتهاء مدة صلاحية المصبات في عدد من جهات البلاد، ومنها مصب النفايات بعقارب الذي ينتفض الأهالي مطالبين بغلقه لأسباب صحية وبيئية.
وأوضح رئيس حزب التيار الشعبي زهير حمدي أن "منظومة التصرف في النفايات في تونس منهارة مند سنوات"، معتبرا أن "حركة النهضة هي المسؤولة عن هذا الانهيار الذي تراكم خلال سنوات حكمها للبلاد، باعتبار أنها لم تتهيأ لمرحلة ما بعد انتهاء العمر الافتراضي لمصبات النفايات الذي لا يمكن أن يتجاوز 10 سنوات وفق الخبراء".
وقال حمدي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "هذا دليل آخر على أن الإخوان في تونس هم المسؤولون الحقيقيون عما آلت إليه الأوضاع البيئية والصحية".
وأكد السياسي أنه "من الواضح اليوم تورط حركة النهضة في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية بسبب قضية النفايات في صفاقس، وقد تحدث شهود عيان على أن منتمين للحركة ضبطوا بصدد تأجيج الاحتقان الاجتماعي"، مشيرا إلى أن "من يحرضون اليوم هم المسؤولون الحقيقيون عن الأزمة، خاصة أن العمر الافتراضي لمصبات النفايات يعادل سنوات حكم النهضة للبلاد التي لم تنجح خلالها في إيجاد حلول جدية للإشكاليات البيئية، بل فاقمتها بالصفقات الفاسدة التي منحتها لشركات الفرز والردم".
وقال حمدي: "كان على الرئيس قيس سعيّد أن يمر عبر الحوار مع الأهالي في تعاطيه مع الأزمة، لتجنب إمكانيات المواجهة والعنف مع الشرطة، لكن هذا لا ينفي أن هناك أطرافا معادية لقرارات 25 يوليو التي اتخذها سعيّد لإنهاء فترة حكم الإخوان بإرادة من الشعب، تحاول اليوم توظيف واستغلال أزمة النفايات في صفاقس لتحريض الناس وتوتير الأجواء لدفع الأهالي لمواجهة قرارات الرئيس، إلى جانب ترويج الصفحات المأجورة لحركة النهضة وأذرعها الإعلامية خطابا يدفع في اتجاه توتير الأوضاع وتأزيمها في البلاد".
وبحسب رئيس حزب التيار الشعبي، "تحاول حركة النهضة خلق بؤر توتر في الشارع التونسي، وتوظيف المواطنين في الصراعات السياسية دون الدفاع عن حق المواطن في بيئة سليمة".
يذكر أن منطقة عقارب تشهد احتجاجات اجتماعية منذ أيام أسفرت عن مقتل شخص، بعد فتح السلطات مصب النفايات بالقوة، رغم رفض الأهالي لاستمرار وجود المصب في مدينتهم بسبب الأضرار الصحية والبيئية التي خلفها.
واعتبر المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، أن "الوضع السياسي الدقيق في البلاد فضلا عن الوضع الاجتماعي الصعب، يتطلب المرور إلى الحوار والإنصات للفاعلين الاجتماعيين من قبل الدولة، حتى ترد على كل من يحاول توظيف الاحتجاجات الاجتماعية وتخفف الاحتقان وتجد الحلول".
وأكد بن عمر في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "المجتمع المدني يواكب حراك المواطنين في عقارب لغلق مصب النفايات منذ سنوات، وقد سبب مشكل التلوث في المدينة حالات وفاة وأمراض منذ سنوات"، مطالبا السلطات بالبحث عن حلول دائمة للمشكلة وسحب البساط من تحت كل من يحاول توظيف الاحتجاجات سياسيا.
وفي السياق ذاته، حمّل المحلل السياسي محمد ذويب حركة النهضة مسؤولية أزمة النفايات في محافظة صفاقس، قائلا: "خلفت الحركة تركة ثقيلة لمن يأتي بعدها يصعب تجاوزها ".
وأكد ذويب لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هناك دعوات غير بريئة للاحتجاجات يطلقها منتمون لحركة النهضة وحزب قلب تونس، تتزامن مع ازياد منسوب العنف في المجتمع، وتؤشر كلها على تصعيد الأحزاب المعنية بالمحاسبة القضائية كلما اقترب القضاء من البت في ملفات تورطها، فتعمل على توظيف الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب لبث الفوضى في المجتمع، رغم أن وضعية البلاد الصعبة أصلا تركة ثقيلة لسنوات حكم الإخوان في تونس".
وكان عدد من النشطاء في محافظة صفاقس أطلقوا حملات يتبرؤون فيها من تحريض حركة النهضة، وينبهون المواطنين إلى تجنب دعواتهم لحرق المقرات الأمنية والاتجاه للعنف والأعمال التخريبية، بهدف إحراج سعيّد وضرب شعبيته ودفع البلاد نحو الفوضى.