شكلت زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، على رأس وفد إماراتي، إلى سوريا، واللقاء الذي جمعه والرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، الثلاثاء، تأكيداً على دعم دولة الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا، وبما يشكل دفعة للعمل العربي المشترك، الأمر الذي ينعكس بدوره على الأمن القومي العربي في ظل التحديات التي تهدد المنطقة.
وثمّن مسؤولون ومراقبون سوريون تلك الزيارة التي وصفوها بـ "البنّاءة" والتي تأتي في وقت دقيق ومهم في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم بشكل عام، مبرزين في الوقت نفسه تعويل بلادهم على دور إماراتي كبير في إطار عودة سوريا للحضن العربي، في مواجهة التدخلات الخارجية التي تشهدها المنطقة، وبما تشكله سوريا من ثقل في العمل العربي المشترك، بمعطيات التاريخ والجغرافيا.
موقف متوازن
وقال المستشار بالحكومة السورية عبد القادر عزوز إن زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي إلى سوريا هي "محل ترحيب من قبل الدولة السورية، خاصة أن القيادة الإماراتية اتسمت بموقف متوازن حلال سنوات الحرب على سوريا".
وأفاد في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" بأن "هذه الزيارة جاءت تتويجاً للعديد من المبادرات الإيجابية وفيما يتعلق بالتعاون الدبلوماسي بين البلدين، وأيضاً كان هناك تبادل للوفود الاقتصادية بين البلدين، بالإضافة إلى التنسيق حول القضايا والملفات التي تخص المنطقة والإقليم عموماً".
وأوضح المستشار بالحكومة السورية أن "الزيارة تعطي دفعة للعمل العربي المشترك بما يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة، وبما يخدم تطوير العلاقة بين البلدين"، مشدداً على أن "الخطوة الإماراتية هي خطوة بنّاءة في ظل الواقع المتغير الذي تشهده المنطقة عموماً من احتدام الصراع والتنافس بين الأطراف الإقليمية والدولية لمحاولة ملء الفراغ في المنطقة".
وأردف عزوز في معرض حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، قائلاً: "هذه الخطوة تتقاطع مع الجهود الطيبة المبذولة من قبل جميع الأطراف، خاصة الامارات والعديد من الدول العربية الشقيقة الأخرى، في إطار تعميق التعاون العربي المشترك والجهود الهادفة لحل الخلافات والعمل على تأسيس حوار عربي بناء ومشترك لحل القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة".
نقطة ارتكاز
وفيما يتعلق بمسألة عودة سوريا إلى الحضن العربي، قال المستشار بالحكومة السورية: "سوريا هي نقطة ارتكاز أساسية للعمل العربي المشترك وتعد أحد أهم ركائز الأمن القومي العربي تاريخياً، وهذا الأمر يستند إلى واقع الجغرافيا بشكل خاص، لذلك لابد اليوم من تصحيح ما شاب من قصور فيما يتعلق بعمل الجامعة العربية عندما قامت بتعليق عضوية سوريا في أكتوبر 2011 بما يخالف روح الميثاق ومبادئه القائمة على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتعزيز التعاون وحل الخلافات بالطرق السلمية".
وأوضح المستشار السوري أن بلاده تدعم أي جهد عربي مشترك وأي تنسيق بيني، مشدداً على أن تطلع سوريا وتوجهاتها الاستراتيجية في أولوية الأمن القومي العربي لا ينبع فقط من مسألة عضوية الجامعة أو غيرها، بل هذا نابع من حقائق التاريخ والجغرافيا؛ ولذلك لا تجد سوريا أية إشكالية على المستوى التاريخي في أن يكون هناك تكامل وتعزيز بين أمنها الوطني والأمن القومي العربي".
واختتم عزوز تصريحاته، بالإشارة إلى أن بلاده تعطي الأولوية للتنسيق العربي المشترك والعمل العربي، في مواجهة جميع التهديدات والتحديات على الصعيد السياسي والاقتصادي والمجتمعي وغير ذلك.
العمل العربي
وبدوره، أكد عضو البرلمان السوري السابق، المقرب من الحكومة، شريف شحادة، أن زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إلى سوريا "تأتي ضمن الجهود المبذولة من قبل دول عربية من أجل عودة سوريا للعمل العربي، بما تمثله من مركز ثقل للعالم العربي؛ لا سيما أن العالم العربي بدأ يبحث عن الأمن القومي الذي افتقدناه اليوم في ظل تواجد قوى إقليمية في سوريا والعراق وبلدان أخرى، يهدف هذا التواجد لإنعاش خطة الإخوان للسيطرة على المنطقة".
وقال في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "ما حدث في سوريا -خلال السنوات الماضية- إنما محاولة لإخضاعها وتقسيم العالم العربي، وهو ما يؤكده توافد الإرهابيين الذين أتوا من كل أصقاع الدنيا"، مشيراً إلى أنه بينما "تعاني الأمة العربية من حالة تشرذم حقيقية في ظل الصراعات الحالية، فإن سوريا يمكن أن تلعب دوراً مهماً في إرساء قواعد الأمن القومي العربي".
وأشار إلى أن زيارة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، تأتي قبل انعقاد القمة العربية في الجزائر، وضمن محاولة جادة لانعقاد القمة لكي تكون الصورة مجتمعة بإجماع عربي كامل بشأن سوريا، مردفاً: "هناك تحديات تشهدها المنطقة العربية، إضافة إلى تحديات كبرى عالمية لابد للعرب أن يكونوا فيها مؤثرين وليسوا متأثرين".
وتابع شحادة في معرض حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" قائلاً: "سوريا ترحب بكل جهد عربي يصب في إطار المصلحة القومية العربية وإعادة توحيد الأمة العربية لإخراجها بصورة جيدة في المحافل الدولية.. وهذه الزيارة مهمة لاستكمال جهود كثيرة بدأت مع موقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والاتصال الذي جمعه مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأيضاً في إطار ما تقوم به الإمارات من دور رائد على المستوى العربي".
دور إماراتي
وأكد المحلل السياسي السوري المقيم في دمشق، على أن الزيارة تأتي في ظرف مهم، وسيكون لها تتويج في سوريا التي تسعى من أجل أن تكون كلمة العرب كلمة شاملة وموحدة "وأظن أن الإمارات يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في إعادة سوريا للجامعة العربية".
وشدد شحادة على أن بلاده متعاونة مع كل جهد عربي يصب في مصلحة الأمة العربية، ذلك أنه ليس لمصلحة العالم العربي أن تكون هناك شرذمة للأمن القومي العربي، مشيراً إلى أن سوريا تتعامل بشكل واقعي، ومنفتحة على العالم العربي والمجتمع الدولي "ولذلك أعتقد بأن الإمارات يمكن أن تقدم خطوة لفتح الباب لكل من يدخل إلى سوريا داعياً إلى المحبة والتآلف والمصالحة".