جاءت محاولة الاغتيال الفاشلة التي تمت، عبر الهجوم بطائرات مسيرة على منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، لتزيد من احتقان الأجواء السياسية المشحونة في البلاد، على وقع اعتراض بعض الجهات الخاسرة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على نتائجها والتلويح بالقوة لرفضها.
ويرى مراقبون أن أحد أهم أهداف محاولة اغتيال الكاظمي، هو التأثير في مجريات عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، التي تعكف للآن رغم مرور نحو شهر على إجراء الانتخابات على دراسة الطعون والشكاوى المقدمة لها والتحقيق فيها، والعد اليدوي في المحطات المشمولة بالطعون، تمهيدا لإعلان النتائج النهائية.
ويشيرون إلى أن الجهات المنفذة للهجوم الإرهابي، الذي أحدث ردود فعل مستنكرة واسعة عربيا ودوليا، تسعى للدفع باتجاه إحداث تغييرات في نتائج الانتخابات العراقية لصالح القوى المتراجعة انتخابيا.
وتعليقا على ذلك يقول عضو المكتب الإعلامي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عماد جميل في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "رغم الضغوطات السياسية الهائلة على المفوضية، لكنها ماضية في عملها وإجراءاتها وفق القانون، وقد أكملنا في هذا السياق عملية العد والفرز على خلفية ملاحق الطعون المقدمة لنا، بواقع 88 ملحق فيما يقارب 2017 محطة انتخابية مشمولة ضمن تلك الملاحق، ونحن ننتظر قرارات الهيئة القضائية التي سنرفع لها كافة الطعون والملاحق والتحقيقات فيها، حيث ستبت نهائيا فيها، وتكون قراراتها ملزمة للمفوضية ولمقدمي الطعون والشكاوى".
ويضيف المسؤول في مفوضية الانتخابات العراقية: "نحن كمفوضية عليا مستقلة نعمل ضمن القانون ونتلقى الطعون والشكاوى في نتائج الانتخابات وفقه، ولا نتأثر بأية ضغوطات أو محاولات ابتزاز".
من جانبه يقول مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "عملية الاستهداف عبر محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، هي بطبيعة الحال لإحداث الفوضى والارتباك وإلغاء نتائج الانتخابات، وقطع الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة".
وتابع: "لذلك فالرسالة التي أريد إيصالها هي أبعد من شخص رئيس الوزراء العراقي، وهي موجهة فضلا عن الحكومة ورئيسها، للمفوضية العليا للانتخابات التي أبدت تماسكا كبيرا جدا في وجه الضغوط السياسية ونجحت في عدم الرضوخ لها، والرسالة مفادها بأن المفوضية قد تستهدف في حال بقاء النتائج على حالها، وأنها ليست بمنأى عن ذلك".
ويرى الشمري أن "ثمة رسالة لبقية القوى السياسية العراقية وخاصة تلك الفائزة منها في الانتخابات، من أنه يجب عليها عدم المضي بعيدا عن التوافق السياسي، الذي يتيح للجماعات الخاسرة المشاركة في القرار السياسي، والحصول تاليا على حصانات جراء ذلك".
هذا وأتت محاولة الاغتيال بعد يومين من الصدامات العنيفة التي حصلت بين القوات الأمنية العراقية، والمحتجين المعترضين على نتائج الانتخابات من أنصار ما يسمى بالإطار التنسيقي بالقرب من المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، والتي تضم الكثير من المقار الحكومية العراقية، والعديد من البعثات الدبلوماسية، وسط بغداد.
وكان المئات من مناصري الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران، قد نظموا قبل أكثر من أسبوعين اعتصاما مفتوحا قرب المنطقة الخضراء، حيث يقع أيضا مقر المفوضية العليا للانتخابات، احتجاجا على ما اعتبروه "تزويرا" شاب الانتخابات التشريعية المبكرة.
وبعدما كان القوة الثانية في البرلمان السابق مع 48 مقعدا، حاز تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي على 15 مقعدا فقط في انتخابات العاشر من أكتوبر، بحسب النتائج الأولية.