شكلت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، صدمة للأوساط السياسية والشعبية، فيما رآها مراقبون وسيلة ضغط لإرضاء الفصائل المسلحة، بمقاعد في مجلس النواب.
ونجا مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال بواسطة 3 طائرات مسيرة مفخخة استهدفت منزله في ساعة مبكرة من صباح الأحد، في واقعة هزت المنطقة.
ويعد الهجوم تصعيدا كبيرا وسط توتر أثاره رفض الميليشيات المدعومة من إيران قبول نتائج الانتخابات البرلمانية التي عقدت الشهر الماضي.
متابعون للشأن العراقي، اعتبروا أن "الرسائل واضحة" وراء تلك المحاولة، بأن "الوضع في البلاد يتجه إلى تصعيد مشابه، وقد تشهد العاصمة بغداد حوادث مماثلة، بهدف الضغط على مفوضية الانتخابات، والقوى السياسية الفائزة، لإرضاء الفصائل المسلحة، بمقاعد في مجلس النواب".
حكومة أغلبية سياسية
الباحث في الشأن السياسي، وائل الشمري، قال إن "محاولة الاغتيال رسالة واضحة إلى الجميع، بضرورة إرضاء المجاميع المسلحة بمقاعد في مجلس النواب بعد الخسارة التي تلقوها، خاصة بعد تصاعد الأحاديث حول حكومة أغلبية وطنية، قد تستبعدهم إلى المعارضة".
وأضاف الشمري في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "بصمات الفصائل المسلحة واضحة في هذا الاستهداف، وأصبحت معروفة للعراقيين بأساليبها وطريقة ضربها"، مشيرا إلى أن "صمود مفوضية الانتخابات، ونأي الكتل السياسية الفائزة عن استرضاء تلك المجموعات أغضبها كثيرا، لذا لجأت إلى الخطوات التصعيدية".
وانطلقت مشاورات تشكيل الحكومة العراقية، بزيارات متبادلة بين أبرز الزعامات السياسية، خاصة الفائزين، مثل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي، بالإضافة إلى وفد من الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يزور بغداد حاليا.
وحاولت تلك المجاميع، التأثير على سير الحوارات، وعبرت عن رفضها لذلك، واستيائها من الحراك السياسي الدائر، عبر منصاتها وقنواتها الرسمية.
وبالتزامن مع هذا الحراك السياسي واللقاءات المتبادلة، وإعلان الصدر أن الحكومة المقبلة هي "حكومة أغلبية وطنية"، صعّدت الفصائل المسلحة من لهجتها، وبدأت خطوات جديدة، عبر أتباعها المعتصمين بالمنطقة الخضراء.
رسائل بطعم النار
وكشف مصدر في مفوضية الانتخابات، أن "أعضاء المجلس تلقوا خلال الأيام الماضية، رسائل واضحة، بضرورة إصلاح الأوضاع (وفق رؤيتهم)، وإحداث توازن في نتائج الانتخابات، مما يعني منح كتل سياسية خاسرة، مقاعد في البرلمان، على حساب كتل أخرى".
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "تعهدات قدمها زعماء سياسيون بأن المعتصمين حول المنطقة الخضراء، سينسحبون في حال الاستجابة لطلبهم، وهو العد والفرز اليدوي، وكذلك إجراء تسوية، لتنظيم أوضاع الكتل الخاسرة، وهو ما قاومته المفوضية، وعبرت في أكثر من مناسبة عن التزامها بالنتائج التي أفرزتها الانتخابات".
ووجد قادة تلك المجموعات أنفسهم بعيدا عن مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث لم يلتقِ أي من الزعامات السياسية مع رئيس تحالف الفتح هادي العامري، أو زعيم حركة حقوق التابعة لكتائب حزب الله حسين مؤنس.
وحذرت أوساط عراقية من تفاقم الأمور ووصولها إلى "مرحلة لا تمكن معالجتها، في ظل إصرار قادة الفصائل المسلحة على المضي في تهديد السلم الأهلي والمجتمع، عبر الادعاء بأن الانتخابات النيابية مزورة، رغم ضعف الدلائل التي قُدمت للمفوضية بشأن ذلك".
واعتُبرت محاولة اغتيال الكاظمي "دليلا على ما يمكن للفصائل المسلحة فعله، وغياب الخطوط الحمراء، وإمكانية هدم العملية السياسية، أو تعريض البلاد للخطر، في حال جاءت النتائج النهائية للانتخابات، على غير المتوقع".