أثار حمزة العيداني، المدان بقتل الصحفي العراقي، البارز أحمد عبد الصمد، العام الماضي، غضباً شعبياً واسعاً، بعد أن سجد شكراً، عقب النطق بحكم الإعدام الصادر بحقه.
وأصدرت محكمة جنايات البصرة في العراق، الاثنين، حكما بالإعدام شنقا حتى الموت، بحق العيداني، بتهمة قتل أحمد عبد الصمد، الذي كان يعمل مراسلا تلفزيونياً، وصفاء عبد الحميد غالي، الذي كان يعمل مصورا، أثناء تغطيتهما لتظاهرات جرت في محافظة البصرة.
وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى العراقي في بيان، أن "المجرم اعترف بكافة تفاصيل هذه الجريمة"، وأن "الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار، وإشاعة الرعب في نفوس الناس، تحقيقا لغايات إرهابية".
وقبل اغتياله، نشر عبد الصمد، مقطعاً مرئياً تحدث فيه، عن تلقيه تهديدات بالقتل، من فصائل مسلحة، بسبب نشاطه وانتقاده الدائم للميليشيات المدعومة من إيران.
وقال عبد الصمد آنذاك إنه يتلقى تهديدات مبطنة بسبب تجاوزه "خطوطا حمرًا تتعلق بإيران والميليشيات المسلحة والأحزاب".
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد أعلن في فبراير الماضي اعتقال "عصابة الموت" المسؤولة عن قتل ناشطين وصحفيين بمحافظة البصرة.
غضب واستغراب
وتلقت الأوساط الشعبية في العراق، حكم الإعدام بالارتياح، والتأكيد على ضرورة المضي في معاقبة كل المتورطين بدماء الأبرياء، حيث تجمع العشرات من الناشطين والمحتجين، أمام منزلي الصحفيين عبد الصمد، وغالي، احتفاء بالحكم الصادر.
غير أن ما أثار الاستغراب والغضب، ما قام به المتهم حمزة العيداني، حيث سجد شكراً، بعد أن نطق القاضي حكم الإعدام ضده، وهي حركة يقوم بها عناصر التنظيمات المسلحة، التي تدعي المقاومة، أو انطلاقها من أسس دينية، كما هو حال تنظيم داعش.
لكن العيداني، وفق ما تسرب من إفادته، تبين أنه ينطلق من فتاوى دينية يتلقاها من جهات خارجية، بضرورة مواجهة المعارضين، أو الرافضين لسلطة ونفوذ الميليشيات.
وخلال حضوره المحاكمة الشهر الماضي، نقل محمد، شقيق الصحفي أحمد عبد الصمد، عن المتهم قوله إن "المجموعة طاردت عبد الصمد وغالي، وفتحت عليهما النار حتى توقفت سيارتهما، ثم ترجل زعيم الميليشيا ومتهم آخر ليجهزا على الصحفي وزميله المصور، بحجة مشاركتهما في تظاهرات تزعزع أمن المحافظة".
وأضاف المتهم، وفق عبد الصمد، أنّ "زعيم الميليشيا برر اغتيال عبد الصمد وغالي بدل اعتقالهما، بصدور فتوى مباشرة من المرشد الإيراني علي خامنئي تقضي بتصفية المعارضين مثل أحمد عبد الصمد"، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية عنه.
وسبق أنّ أعلنت السلطات الأمنية اعتقال أفراد الميليشيا المتهمة بتنفيذ سلسلة اغتيالات على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ أكتوبر 2019، وأخرى تمتد إلى سنوات سابقة.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بما فعله المدان حمزة العيداني من سجدة الشكر، إذ أكد أن قتله للصحفيين، جاء انطلاقاً من فتاوى، صدرت، أو ممارسة تنطلق من أسس دينية، وهو ما رآه البعض سلوكاً خطيراً على المجتمع.
أوامر الخارج
بدوره، يرى الباحث في الشأن الأمني، حميد العبيدي، أن "أغلب الفصائل المسلحة تنطلق من هذه الأسس التي تقوّض بناء الدولة، وتسعى إلى تصنيف المجتمع، وصولاً إلى تكفيره، والتعامل معه على أنه خارج الدين، لذلك جاءت دعوات كثيرة من رجال دين معتدلين بضرورة الالتفات إلى الداخل، وعدم الاكتراث بالفتاوى الصادرة من الخارج، لأنها تنطلق من مصالح قومية أو طائفية".
وأضاف العبيدي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "العراقيين اليوم انصدموا بوجود هذا السلوك على أرض الواقع، إذ غالباً ما كان ذلك تنظيراً، أو غير واضح، لكنه اليوم تأكد وأمام الملأ، بأن الفصائل المسلحة، لا تنطلق من أية منطلقات عراقية، بل هي تأتمر بأمر الخارج، ورؤيته".
وهذا هو الحكم الأول من نوعه الذي يصدره القضاء العراقي بحق متورطين في قتل صحافيين، لكن ما زال العديد من المتهمين فارين من القضاء ويعتقد أنهم نجحوا في مغادرة العراق بمساعدة فصائل مسلحة.
وندد نشطاء عراقيون، ومراقبون، بهذا السلوك، مطالبين في الوقت ذاته الجهات المعنية، بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء وجود المجموعات خارج الأطر الرسمية.