عكَّرت المذبحة التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي في محافظة ديالي، شرقي العراق، فرحة العراقيين بالضربات الأمنية الموجعة التي هزَّت التنظيم العائد، ما دفع خبراء لتوقع تركيز هجمات التنظيم مستقبلا على إثارة النعرة الطائفية للحد من الالتفاف الشعبي حول الأجهزة الأمنية.
وتوقع خبير أمني أن خطر داعش لن يختفي نهائيا في الدول التي تشهد فوضى سياسية مهما تلقى ضربات أمنية، رابطا بين عمليات داعش الجديدة وخلافات الكتل العراقية حول نتائج الانتخابات، ويلعب فيها البعد الطائفي دوره، إضافة للمصالح الدولية بشأن تشكيل الحكومة.
وتبنى داعش هجوما استهدف، الثلاثاء، قرية الهواشة بديالى، قتل فيها 11 شخصا وجرح 6 آخرون، وهو الهجوم الذي اعتبرته قيادة العمليات المشتركة العراقية عودة داعش لأساليبه باستهداف المدنيين بعد تراجعه أمام القوات العراقية.
وجاء الهجوم بعد يوم من تحذير وكيل وزارة الدفاع الأميركية للشؤون السياسية، كولين كالفي، من شن داعش- خراسان المتواجد بأفغانستان هجمات تستهدف الولايات المتحدة خلال 6 أشهر.
والخميس، عقد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اجتماعا للمجلس الوزاري للأمن الوطني، ذكر فيه أن "عصابات داعش كانت تبحث عن موطئ قدم في المحافظة {ديالي}، لكن هيهات أن يتسنى لهم ذلك".
ووجه الكاظمي القادة الأمنيين والعسكريين بتفعيل الجهد الاستخباري و"تشخيص أي محاولة لبثّ الفرقة الطائفية التي لن نسمح بعودتها".
سر العودة
يفسر مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، السر وراء تكثيف التنظيم نشاطه رغم إعلان هزيمته 2017، بأن الوضع معقد في العراق بعد الانتخابات، وداعش يستغل الخلافات بين العراقيين ليصعد عملياته.
وعن سبب احتمال استهدافه للولايات المتحدة، قال محمد لموقع "سكاي نيوز عربية" إن واشنطن طرف مؤثر في تشكيل الحكومات العراقية.
وأشار المركز الأوروبي في دراسة إلى أن من عوامل استعادة داعش عملياته منذ بداية 2021، التوترات في سوريا والعراق وتفشي الفساد المالي في المؤسسات العراقية، وإعلان سحب بعض قوات التحالف الدولي؛ لترتفع معدل الهجمات من عملية أسبوعية إلى 20 عملية في الشهر.
وتشير تقارير أخرى إلى أن عودة تحركات داعش في المحافظات الحدودية بين سوريا والعراق وبين العراق وإيران لها علاقة في صراع النفوذ بين إيران وتركيا حول سوريا والعراق.
وتقدر الاستخبارات العراقية والبنتاغون أعداد مسلحي داعش في سوريا والعراق بـ6 الآلاف، بينما تشير تقارير أخرى إلى أنها بين 2500 إلى 3000.
تهديد مستمر رغم الإنجازات الأمنية
رغم محاولات التنظيم للتمدد توالت ضربات القوات العراقية له باعتقال سامي جاسم الجبوري نائب أبو بكر البغدادي ومسؤول المالية بداعش، وكذلك باسم غزوان العقل المدبر لهجمات الكرادة التي وقعت 2016.
كما تلقت عناصره في عمق البادية السورية ضربات من 6 طائرات حربية روسية بالتوازي مع عمليات تمشيط واسعة نفذتها القوات السورية بريف دير الزور وحماة.
ويرى جاسم محمد، أن القضاء على التنظيم نهائيا ليس واردا؛ ويتطلب سياسة متكاملة للتنمية والاستقرار، فلا يعني قضاء الأجهزة الأمنية على معاقله العسكرية نهايته، خاصة أنه يراهن على نشر أيدلوجية التطرف، ويتواجد في خلايا صغيرة تتحرك على الحدود العراقية- السورية، ويجد المأوى في الدول الفاشلة أو التي تشهد فوضى سياسية.