عرض الرئيس التونسي، قيس سعيّد، خطة عمل من أجل إرساء صلح جزائي مع من تورطوا في قضايا الفساد ونهب ثروات ومقدرات البلاد و الملك العام طيلة السنوات الماضية.
وتتمثل الخطة في مشروع للصلح الجزائي يهدف لاستعادة أموال الدولة المنهوبة، وتوظيفها في تحقيق مشاريع واستثمارات في البلاد من طرف كل من تورط في نهب المال العام.
وأكد الرئيس التونسي أنه يعرض هذا الصلح الجزائي و الاقتصادي مع كل من نهبوا البلاد قبل سنة 2011 وطيلة السنوات التي تلت 2011؛ زمن حكم حركة النهضة الإخوانية.
وتقدر الأموال المنهوبة لدى من تعلقت بهم قضايا فساد و استغلال نفوذ واعتداء على المال العام بـ13.500 مليون دينار أي ما يقارب 4.7 مليون دولار.
في غضون ذلك، سيتم تركيز لجان جهوية لمتابعة تنفيذ المشاريع التنموية المرتقب تنفيذها، بعد إبرام صلح مؤقت مع المعنيين بالصلح الجزائي مقابل التزامهم بإنشاء المشاريع التنموية داخل المناطق المهمشة بضمان عشر سنوات.
ويطالب برنامج الصلح الجزائي، وفق ترتيب تنازلي، رجال الأعمال المتورطين في نهب ثروات تونس بإنجاز مشاريع تنموية داخل المناطق المفقرة والأقل حظا في التنمية، تتعلق ببناء مدارس و مستشفيات ومرافق خدمات و خلق موارد رزق للعاطلين عن العمل في البلاد.
تجارب دولية مماثلة
وعلق المختص في المالية العمومية أحمد قيدارة بأن المصالحة الاقتصادية التي تعرضها تونس على المتورطين في ملفات الفساد المالي، تمثل عملية لجأت إليها عدة بلدان في مراحل انتقالية وهو خيار يعوض فض النزاعات عبر مسار قضائي يدوم سنوات لتسترجع الدولة أموالها.
و أضاف قيدارة في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المصالحة المالية تشكل جزءا من الحل لتستفيد الدولة من الأموال المنهوبة في معالجة أزمة المالية العمومية التي تعيشها عبر قيام المتورطين قضائيا بإنجاز مشاريع تنموية واستثمارات في الجهات الأقل حظا في التنمية.
حث على صون العدالة
من جهتها، دعت منظمة "محامون بلا حدود"، إلى ضرورة ألا يربك الصلح الجزائي، مبدأ استقلالية القضاء والمساءلة، داعية إلى عدم إلغاء المسار القضائي بمجرد تقديم مطالب صلح، وعدم إرباك القضاة المتعهدين بملفات جزائية منشورة وضمان مبدأ المساءلة، من خلال مثول طالبي الصلح أمام القضاء، للكشف عن الانتهاكات في جلسة علنية أمام المحاكم.
كما طالبت المنظمة في توصيات تقدمت بها، في بيان نشرته، بأن لا يغيّب الصلح الجزائي مبدأ كشف الحقيقة وضمان عدم العود، عبر كشف تفاصيل عمليات نهب الأموال العمومية والنصوص القانونية التي تم خرقها بمشاركة مسؤولين نافذين للعموم.
من جهته، اعتبر الباحث في الاقتصاد، محمد كريم كافي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الصلح الجزائي المعروض من رئاسة الجمهورية على رجال الأعمال المتورطين في نهب المال العام سيكون نقطة في بحر، لأن الإشكاليات المالية و الاقتصادية التي تواجه تونس اليوم كبيرة؛ ومتعلقة خاصة بديونها الخارجية أكثر من اقتصادها الداخلي.
وقال الخبير في تنمية، الموارد حسين الرحيلي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن ما اقترحه الرئيس سعيد من حلول للصلح الجزائي طبق في سنوات ماضية، غير أن الأموال المسترجعة تم توظيفها لأغراض انتخابية ولم تساهم في حل أزمة المالية العمومية لتونس، مؤكدا أن الأجدى هو استرجاع الدولة لأموالها المنهوبة وتوليها إنجاز مشاريع التنمية و تحسين البنية التحتية.
و الجدير بالذكر أن حركة النهضة عملت طيلة السنوات الماضية على ابتزاز رجال أعمال مقابل صلح قضائي غير تام الشروط، لأن ما دفعوه من أموال لم يدخل خزينة الدولة التونسية بل استفاد منه الحزب الإخواني وقياداته.