أثارت حادثة استغلال الأطفال في الصراعات السياسية جدلا كبيرا في السودان بعد أن رصدت كاميرات القنوات التلفزيونية والناشطين مشاهد لأطفال أحضروا في مجموعات من خارج العاصمة دون علمهم للمشاركة في مسيرة احتجاجية نظمتها، السبت مجموعة سياسية تطالب بتفويض الجيش وحل الحكومة الانتقالية.
تعكس قصة محمود البالغ من العمر 10 سنوات مدى فظاعة الزج بالأطفال قسرا في الصراعات السياسية وتعريضهم لمخاطر أمنية واجتماعية ونفسية كبيرة.
فمحمود الذي وصل إلى الخرطوم صبيحة ذلك اليوم على ظهر حافلة تحمل العشرات من أقرانه الدارسين في إحدى المدارس القرآنية "الخلاوي" التي تبعد نحو 70 كيلومترا عن العاصمة؛ كان كل ما يعلمه أن من جاءوا به أخبروه بأنه ذاهب إلى حفل ترفيهي سيجد فيه ما طاب من الطعام والفرجة؛ لكنه وأقرانه وجدوا أنفسهم فجأة في وسط مسيرة سياسية تضم آلاف الرجال والمئات ممن في عمره من أولئك الذين أحضروا قسرا من أماكن أخرى.
وبعد أن تحرك محمود من نقطة التجمع التي انزلوا فيها في وسط الخرطوم لم يكن هو وممن هم في سنه يفهمون ما يردده المشاركون في المسيرة بل كانوا يحاولون ترديد ما يقع في آذانهم دون أن يعلموا إلى أين هم ذاهبون ولماذا، وحتى لا يعلمون شيئا عن هوية من يسيرون معهم.
وفيما انتقدت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف"؛ ذلك المسلك؛ اعتبر مراقبون أن الزج بالأطفال قسرا في مثل هذه الأعمال يعكس ضعف قدرة المنظمين على التحشيد، وعدم وعيهم بالقوانين والقواعد الإنسانية التي تجرم استغلال الأطفال بطرق غير أخلاقية.
ويشير محمد يوسف استاذ علم الأنثربولوجي في جامعة الخرطوم إلى أنه وعلى الرغم من حق الأسرة في اختيار الطريقة التي ينشأ عليها الطفل والتربية التي تغرس فيه؛ إلا أن جمع الأطفال من المدارس الدينية وغيرها واقحامهم دون علمهم ووعيهم في صراعات سياسية هو أمر مرفوض تماما في القوانين الدولية والمحلية.
ويقول يوسف لموقع سكاي نيوز عربية إن لمثل هذه الأعمال انعكاسات نفسية واجتماعية كبيرة على الطفل إذ تؤدي في الكثير من الأحيان إلى اضطراب في شخصية الطفل وفقدان الثقة في الآخرين.