أحيا لبنانيون، الأحد، الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين، بمسيرة وسط العاصمة بيروت، نددت بالتدخلات الإيرانية التي تعرقل بناء بلدهم وتجره إلى أتون الصراعات.
ولم يتمكن اللبنانيون بعد عامين من انطلاق الانتفاضة الشعبية في الـ17 من أكتوبر 2019، من تحقيق تغيير جذري في مواجهة النخب السياسية الحاكمة.
أحداث الطيونة وتهديدات حزب الله
ورغم خفوت وهج انتفاضة تشرين إلا أن ظروف اشتعالها ومسببات بقائها وتطورها، زادت أضعافا عن زمن انطلاقتها، وذلك من بوابة أحداث الطيونة وتهديدات "حزب الله"، التي وضعت لبنان أمام خطر الانهيار الأمني، بعد أزمات مالية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
وتوعد الآن النائب عن "حزب الله"، حسن فضل الله، الجيش اللبناني، زاعما أن" المجزرة الدموية في الطيونة سيكون لها تداعياتها الكبيرة على صعد مختلفة".
وأضاف فضل الله، خلال احتفال حزبي: "نحن لم نعتد أن نترك دمنا على الأرض، ونعرف كيف نحمله وندافع عنه".
وواصل تهديداته قائلا: "هناك جمر تحت الرماد وهذا الجمر يلدع، والمطلوب أيضاً محاسبة كل من له صلة أياً كان ومن أعلى مسؤول إلى أدنى عنصر".
والخميس الماضي، شهدت منطقة الطيونة أعمال عنف تخللها استخدام الرصاص والقذائف، إثر تحرك نفذه مناصرون لحركة "أمل" و"حزب الله"، احتجاجا على استمرار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في التحقيقات بملف انفجار مرفأ بيروت، خلفت 7 قتلى وعشرات الجرحى.
شعارات مناوئة لإيران وحزب الله
وجاء إحياء ذكرى انتفاضة تشرين بمسيرة دعت إليها مجموعات من المجتمع المدني اللبناني، انطلقت من قصر العدل في بيروت باتجاه وسط العاصمة.
ورفع المشاركون عدة لافتات طالبت بتحقيق العدالة في انفجار بيروت ورفض الاحتلال الإيراني.
وتجمع المتظاهرون أمام قصر العدل في بيروت، ورفعوا الأعلام اللبنانية وصور ضحايا انفجار مرفأ بيروت، إضافة إلى صور الأشخاص الذين أصيبوا خلال الانتفاضة.
ومن بين الشعارات التي رفعوها "ما رح تقتلونا مرتين"، "مسيرة المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإيراني"، "القرار للشعب"، "استعادة وطن وبناء دولة"، "الاشتباك مع السلطة خيارنا الوحيد لبناء دولة".
ونظم المحتجون وقفة أمام نصب انتفاضة 17 تشرين في مرفأ بيروت، ووقفوا دقيقة صمت حدادا على أرواح ضحايا الانفجار، وأضاءوا شعلة الثورة لإطفاء الفتنة، مطالبين بتحقيق العدالة وتسليم المجرمين في قضية الانفجار إلى القضاء، الذي يجب أن يكون نزيها وشفافا بعيدا عن التدخلات السياسية والتهديدات المرفوضة.
نتائج غير مرضية
ولم تسفر انتفاضة تشرين عن نتائج مرضية للبنانيين، فعقب استقالة حكومة سعد الحريري دخلت البلاد في أزمة سياسية تفاقمت مع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020.
وعلى إثر هذا الانفجار، استقالت أيضا حكومة حسان دياب، ولم تنجح الخلافات السياسية في تشكيل حكومة إلا قبل حوالي شهر ونصف الشهر حيث تم تشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي التي بدأت عهدها باشتباكات دموية في منطقة الطيونة ما يهدد بعودة البلاد إلى المربع الأول.
الملف الأخطر
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني، فادي عاكوم، قال إن تهديدات فضل الله محاولة من حزب الله للاستفادة من الأحداث سياسيا ودوليا، في إشارة إلى مزاعمه التي يرددها بأنه ضحية بالأحداث.
وأضاف عكوم، في تصريحات لـسكاي نيوز عربية، أن هذا استثمار انتخابي مبكر خاصة أن البلاد مقبلة على انتخابات العام المقبل.
وأوضح أن حزب الله خلال الفترة الأخيرة عانى كثيرا من تراجع شعبيته أو بعض التململ في صفوف حاضنته الشعبية ويحاول استثمار هذه الأحداث في شد الوتر المذهبي واستعادة بعض ما فقده.
واعتبر أن الأيام المقبلة ستشهد مشاحنات سياسية أكثر منها عسكرية، فأي معركة كبيرة لن تكون في صالح حزب الله كون الأمر متعلقا بملفات إقليمية ودولية وسيجد نفسه تحت ضغوط كبيرة ومطالبات بتجريد سلاحه وهو أمر لا يريده قبيل الانتخابات التي قد لا تصب في مصلحته إن انفجرت الأوضاع الأمنية بشكل كبير.
وأشار إلى أن الملف الأخطر سيكون تحقيقات انفجار مرفأ بيروت ومسألة استمرار القاضي طارق البيطار حيث ستكون المسار الرئيسي للسياسة في الفترة المقبلة خصوصا أنه يصر على استكمال الملف كما يريده هو من الناحية القضائية والقانونية وبالتالي ستشتعل المعارك السياسية بين مؤيدي البيطار والرافضين له.