بقرارات وتعيينات شبابية جديدة، تحاول جماعة الإخوان، وما يعرف بـ"جبهة لندن" تحديدا، رأب حالة الانشطار والتصدع غير المسبوقة التي ضربت صفوف التنظيم الإرهابي، خلال الآونة الأخيرة والتي تنذر بأفول وشيك.
وتشهد الجماعة حالة من الغليان منذ إعلان القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان، إبراهيم منير، رسميا قرار حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا، وكذلك مجلس شورى القطر، في يونيو الماضي، وكذلك تأجيل الانتخابات الداخلية التي كان من المرتقب إجراؤها خلال أسابيع لاختيار أعضاء مجلس الشورى العام، لمدة ستة أشهر.
وتسود حالة انهيار وتفكك في صفوف الإخوان، حيث حسمت قيادات تاريخية موقفها لصالح منير، مقابل تصعيد المواجهة من جبهة الأمين العام السابق، محمود حسين، بإعلان عزل نائب المرشد عبر مجلس شورى مطعون في "شرعية" قراره، فيما يطالب قسم ثالث في الإخوان من الشباب بأن يتقدم الصفوف، ويطيح بقيادات الجبهتين.
وتأتي أزمة "رأس الإخوان" في وقت تعاني فيه معظم أفرع التنظيم في البلدان العربية أزمات طاحنة بعد عزلهم والإطاحة بهم في دول وتصنيفهم إرهابية في أخرى.
تطورات جديدة
تطورات جديدة في صراع الأجنحة بإصدار "مكتب لندن" بيانا أكد فيه أن نائب المرشد، إبراهيم منير، هو القائم بمهام المرشد، والمعبر الرسمي عن جماعة الإخوان أمام الرأي العام ووسائل الإعلام، كما تم الإعلان عن تعيينات جديدة.
وأعلن "مكتب لندن" تكليف عضو مجلس الشورى العام للإخوان، أسامة سليمان، كمتحدث رسمي باسم الجماعة، وتكليف أحد شباب الإخوان، صهيب عبد المقصود، كمتحدث إعلامي، في محاولة من جناح منير لاستمالة شباب الإخوان الغاضب من الصراع بين القيادات.
يأتي ذلك بعد حرب بيانات وإقالات بين مكتب لندن بقيادة إبراهيم منير، وبين مكتب إسطنبول بقيادة الأمين العام السابق للإخوان محمود حسين، والذي يستعد لإعلان نفسه قائما بأعمال المرشد، بينما تحاول مجموعة محسوبة على جبهته التخلص من منير، وهددت باغتياله، إذا لم يعلن استقالته من منصبه ويكتفي بكونه الأمين العام للتنظيم الدولي.
مزاعم واهية
وفي هروب من الواقع، تجاهل منير، في مقابلة تلفزيونية مع فضائية مملوكة للتنظيم الدولي، الحرب الدائرة حاليا قائلا "إن الخلافات انتهت، وإن الجماعة عادت وستعود لعافيتها".
وأضاف منير أن جماعة الإخوان لا تجبر أحدا على أن يبقى فيها "وقد نختلف حول المواقف والسياسات، في إشارة لإمكانية الإطاحة بمجموعة محمود حسين".
اعتراف ومغازلة الشباب
وتابع القائم بأعمال المرشد أنه "مازال هناك عدم قبول للواقع لدي بعض الإخوة، ولعلهم في لحظات يتبين لهم أن المسألة ليست مسألة شخصية، أولوياتنا في هذه المرحلة هي لم الشمل".
وأشار إلى أن "نصف المسافة من لم الشمل انتهت مع بعض إخواننا بالصف الذين لم يخرجوا عن فكرنا ولا مبادئنا"، مستبعدا مجموعة محمود حسين التي وصفها بأنها أخرجت نفسها من الجماعة.
وفي مغازلة لشباب الإخوان، زعم منير أن السنوات الماضية أفرزت جيلا جديدا بوعي كبير يساهم في نضوج الجماعة.
ولإزالة حالة الاحتقان الكبيرة لدى كثير من الشباب من القيادات، غازل منير القيادة السياسية في مصر، قائلا "لن نعمل تحت الطاولة لو حدثت مبادرة يمكنها التخفيف أو الإفراج عن السجناء سنعلن عنها".
مصالح ذاتية
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد سلطان، قال إن جماعة الإخوان تعيش حالة تصدع كبير، في ظل الخلافات حول المصالح والنفوذ، مؤكدا أن من يحسم معركة "مكتب اسطنبول" سيحسم الهيمنة على قرار الإخوان، لأن اسطنبول تشكل ثقل الإخوان في الوقت الحالي.
وأضاف سلطان لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن كل طرف داخل الإخوان يسعى لتعظيم المصالح الذاتية على حساب الطرف الآخر، فالصراع كان مشتعلا في الخفاء والآن خرج للعلن، بعد التطورات الأخيرة التي حدث بين حسين ومنير.
وأكد على أن التعايش بين تيارات الإخوان انتهى، فكل طرف يسعى لجذب واستمالة القواعد والشباب لصالحه من أجل حسم الصراع على قيادة الجماعة.
الجماعة انتهت
وأوضح الباحث في الحركات الإسلامية أن تعيينات الجديدة من قبل منير، وخروجه في مقابلة على فضائية تابعة للتنظيم الدولي، أمور تدل على أن إبراهيم منير اقترب من حسم الصراع لصالحه، بدعم من التنظيم الدولي للجماعة.
ولفت إلى سببا آخر يقرب من حسم منير لامتلاك قرار الجماعة وهو أن عددا كبيرا من القواعد والشباب داخل الإخوان لديهم مواقف من مجموعة محمود حسين، التي استأثرت بتمويل الجماعة والحصول على ميزات استثنائية.
وأكد على أن الإخوان حاليا جماعة مأزومة ومنقسمة على ذاتها، وحتى لو تم حسم الصراع لصالح لطرف واحد لن تُحل أزمة الإخوان، لأن أزمة الجماعة داخل بنيتها الهيكلية وعقلها الاستراتيجي، ولا يمكن علاج هذا الخلل داخل الإخوان إلا بحل الجماعة وانتهائها.