حملت نتائج الانتخابات النيابية في العراق مفاجآت كبرى، كان أبرزها خسارة تحالف الفتح، المظلة السياسية للحشد الشعبي والفصائل الموالية لإيران، نحو 34 مقعدا، نزولا من 48 مقعدا حققها خلال انتخابات عام 2018، وهو ما اعتبر مؤشرا على عدم قبول الشارع لهذا المسار.
وكان التحالف الذي يضم عددا من الكتل، مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق وغيرها، يأمل في الحصول على نتائج وازنة، تؤهله للمشاركة في تشكيل الحكومة أو فرض رؤيته عليها، لكن ما حصل هو العكس.
وبعد إعلان نتائج الانتخابات، عقدت أحزاب التحالف اجتماعا عاجلا لبحث تداعيات الخسارة، مما أثار مخاوف من عدم قبولهم النتائج، أو اللجوء إلى طرق مسلحة.
وفي المقابل، حل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر في المرتبة الأولى بنحو 72 مقعدا، فيما جاء حزب تقدم (سني) في المرتبة الثانية بنحو 43 مقعدا.
خسارة العبادي والحكيم
كما تفاجأت الأوساط السياسية بخسارة تحالف قوى الدولة، المشكل من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، حيث حقق الجانبان في الانتخابات الماضية 61 مقعدا، غير أنهما لم يكونا متحالفين آنذاك.
وفسر الكاتب السياسي البارز الفضل أحمد ذلك، بالقول إن "ائتلاف قوى الدولة راهن على الجمهور المدني المعتدل، في مواجهة التيار الصدري وتحالف الفتح، لكن ما لم يدركوه أن رغبات هذا الجمهور ميالة للمستقلين وللأحزاب الجديدة أكثر من أي حزب قديم".
وأضاف أحمد لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "لم يحسب الحكيم والعبادي هذا الاحتمال، واعتمدا على ما يمتلكانه من موارد وخبرة سياسية، لم تسعفهما في نهاية المطاف لكسب أصوات العراقيين".
ولفت إلى أن "تحالف قوى الدولة لا يمتلك جمهورا يعتنق أيدولوجيا معينة، وبالتالي فهو تحالف هلامي فكريا، ولم تكن مواقفه واضحة تجاه الميليشيات أو المظاهرات، وأدت محاولاته لإرضاء جميع الأطراف إلى عدم إرضاء أي طرف".
وإذا كان تحالف "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي حقق المرتبة الأولى في الجغرافية السنية، فإن تحالف "عزم" برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر تكبد خسارة كبيرة، وحصل على نحو 14 مقعدا فقط، على رغم أنه كان يضم شخصيات معروفة مثل ظافر العاني وخالد العبيدي وقاسم الفهداوي وسلمان الجميلي وغيرهم.
الأحزاب الناشئة
وتمثل المقاعد التي حصلت على القوى المنبثقة عن الاحتجاجات الشعبية، التي انطلقت عام 2019، أبرز مفاجآت الانتخابات في العراق، حيث تمكن حزب "امتداد" في محافظة ذي قار، برئاسة الناشط والمتظاهر علاء الركابي، من تحقيق 9 مقاعد على مستوى البلاد، فيما حقق حزب "إشراقة كانون" نحو 6 مقاعد، فضلا عن نحو 10 مستقلين آخرين، مما يمنحهم كتلة وازنة في مجلس النواب المكون من 329 مقعدا.
ويرى الناشط واثق المياحي أن "التوجه الشعبي كان واضحا نحو التغيير، لإعطاء التوجهات الجديدة فرصة للمشاركة في الحكم، وكسر جمود الأحزاب القديمة، وهذا ما حصل بالفعل، حيث شاهدنا ثورة على بعض الأحزاب القديمة وإن كانت ليست كاملة، لكن هناك قبولا شعبيا لأوساط المستقلين والناشطين المؤيدين للاحتجاجات".
وأضاف المياحي لموقع "سكاي نيوز عربية": "عدد المقاعد جاء رغم المقاطعة الهائلة للانتخابات ونسبة المشاركة الضئيلة، وغياب الفرصة الكافية للترويج وتقديم البرامج بسبب هيمنة الأحزاب العتيدة على الجمهور، وإغرائه بالمال وترهيبه بالسلاح، وهذا ما شجع الأحزاب الأخرى على الإصرار والمشاركة في الانتخابات".
وفي إقليم كردستان العراق، حصل حزب "الجيل الجديد" على 9 مقاعد، فيما لم يتمكن حزب التغيير من الحصول على أي مقعد.
وشكل غياب شخصيات كبيرة مفاجأة أيضا، مثل وزير الشباب والرياضية السابق عبد الحسين عبطان، ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي، ورجال أعمال مثل حسين العنكوشي وآراس حبيب وغيرهما.