وراء ستار "إهمال قضايا الشرق"، تبث جماعة الإخوان الإرهابية بالسودان سمومها في محاولة لإذكاء نار الفتنة وإفشال المرحلة الانتقالية بالبلاد.
ومنذ عزلهم من السلطة في أبريل 2019، تعول الجماعة الإرهابية على نشر الفوضى في السودان وتعطيل النجاحات التي تحققها الحكومة الانتقالية سواء سياسيا أو اقتصاديا وتحقيق السلام مع الجماعات المسلحة.
وتهدف التحركات الخبيثة لـ"إخوان السودان" في ثغر البلاد إلى حصار العاصمة الخرطوم عبر الولايات الطرفية وذات التأثير الكبير ومن ثم جر البلاد إلى دوامة العنف والوصول إلى مخططهم الفوضوي بعد ضربات متلاحقة لقياداتهم.
وجاءت الاحتجاجات بعد أيام من تلقي الإخوان ضربات موجعة من "لجنة التفكيك" التي صادرت أملاك رموز بارزين واقتحمت فساد الأمن الشعبي، الجهاز السري للحركة الإسلامية السياسية، وطردت المئات من منسوبي الجماعة الإرهابية من مؤسسات الدولة.
3 مطالب
وفي 17 سبتمبر الماضي، أعلن سودانيون موالون لمحمد الأمين ترك، زعيم قبيلة البجا؛ وهي إحدى أكبر المكونات السكانية في شرق السودان؛ إغلاق الميناء الرئيسي للبلاد ووضعوا متاريس "حواجز" في العديد من المدن والنقاط الواقعة على الطريق الرئيسي الذي تمر به صادرات وواردات البلاد، وكذلك إغلاق خطّي تصدير واستيراد النفط.
وتصدرت 3 مطالب للمحتجين لعودة الحياة إلى طبيعتها أبرزها حل لجنة تفكيك تنظيم الإخوان وهو ما يدعم فرضية تورط فلول الإخوان في تحريك عجلة التصعيد بالمنطقة تحقيقاً لمصالحهم التنظيمية، وخشية أن يقعوا تحت مقصلة اللجنة التي تحظى بدعم شعبي كبير.
كما طالبوا بحل الحكومة الحالية وتشكيل مجلس عسكري يدير البلاد لفترة انتقالية تعقبها انتخابات، وكذلك إلغاء مسار شرق السودان باتفاقية جوبا.
بصمات إخوانية
ولم تخل الاحتجاجات من رموز نظام الإخوان المعزول حيث برز مسؤولون سابقون في نظام عمر البشير يقفون إلى جانب قادة الاحتجاجات في شرق السودان ويحثونهم على إغلاق الطرق.
ووفق شهود عيان، فإن عدة قيادات بحزب المؤتمر الوطني (الذراع السياسي للإخوان) شاركت في إغلاق الطرق هم يونس عبد الله الذي شغل منصب معتمد محلية بولاية القضارف شرقي السودان، إضافة إلى منسوبي حزب الإخوان بينهم محمد علي عبد الرحمن، مصطفى محمود عبد الله، وعبد الله طه، وآخرين.
سياسي وليس فئويا
وخلال افتتاحه مستشفى عسكريا بالخرطوم نهاية الشهر الماضي، وصف عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، الاحتجاجات في شرق السودان بـ"الأمر السياسي".
وقال في تصريحات صحفية إنّ "ما يحدث من إغلاق في الشرق أمر سياسيّ، ويجب أن يتمّ التعامل معه سياسيًا".
وفي 27 سبتمبر الماضي، أعلنت الخرطوم إمكانيّة استئناف صادرات النفط من جنوب السودان عبر ميناء بشاير السوداني، بعد اتّفاق مع المحتجّين.
وجرى الاتفاق بعد ساعات على إرسال الخرطوم وفدًا وزاريًا للتفاوض مع المحتجّين برئاسة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة.
غير أنه لم تمر عدة أيام إلا وتأزمت المواقف من جديد، ما قابله رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك بتحذيرات من التداعيات.
خسائر كبيرة
وحذر حمدوك من تبعات إغلاق الميناء ببورتسودان، والطُرق القومية بما يُعطِّل المسار التنموي في البلاد، ويضر بمصالح جميع السودانيين في حصولهم على الاحتياجات الأساسية.
وأشار إلى أن مخزون البلاد من الأدوية المُنقذة للحياة والمحاليل الوريدية على وشك النفاد، إذ تعثّرت بسبب إغلاق الميناء والطريق القومي كل الجهود للإفراج عن حاوياتها.
تسلل الإخوان
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، محمد علي فزاري، قال إن أزمة الشرق وراءها مطالب حقيقية بالتنمية ورفع التهميش ولكن فلول النظام السابق تسللوا وسط النسيج الاجتماعي وحاولوا تمرير أجندتهم الخبيثة من خلال ضربهم للنسيج الاجتماعي، ورفضهم للمطالب الشرعية المعلومة، وبدأوا يرفعون مطالب سياسية بإقالة الحكومة ولجنة التفكيك.
وأضاف فزاري، في تصريحات لـ"سكاي نيوز" عربية أن هذه المطالب لا تتوافق إلا مع طموحات وأحلام النظام السابق خاصة أن مطالب أهل المنطقة واضحة وهي إلغاء مسار الشرق في اتفاق جوبا والتنمية المتوازنة.
حصار الخرطوم
وأكد على أن فلول النظام وراء أي عمليات تحدث حاليا، فهم يثيرون القلاقل في الولايات الطرفية ويعتبرونها الطريق الأمثل لمحاصرة الخرطوم وما حدث في بورتسودان خير دليل على ذلك، كونها الشريان الرئيسي الذي تتغذى به العاصمة والولايات.
وأوضح أن هذا التأثير كان سلبيا على الأغذية وارتفاع الأسعار وغيرها توقفت بسبب إغلاق هذا الطريق الذي يمضي نحو أسبوعه الرابع.
وشدد على ضرورة أن تكون هناك حلول جذرية لهذه الأزمة حتى لا تتجدد في ولايات أخرى مثل البحر الأحمر وغيرها.
خيارة القوة مستبعد
وحول طريقة تعامل الحكومة، استبعد "فرازي" خيار القوة لحسم حراك الشرق، مؤكدا في الوقت ذاته قدرتها على الحسم والسيطرة على الأوضاع، ولكنها لا تريد أن تستخدم خيار العنف الذي ثبت عدم نجاعته مع النظام السابق في دارفور حيث نتج عنه عشرات الحركات الانشطارية التي أصبحت تتحدث عن مطالبها والكثير من القضايا.
ولفت إلى أن الحكومة تستخدم سياسة النفس الطويل لأنها لا تريد أن تلجأ إلى القوة لحسم هذه الخلافات باعتبار أن أهل الشرق مواطنون سودانيون لهم الحق في التعبير خاصة أن مطالبهم حتى الآن سلمية ولم تجنح للعنف.