أصدرت محكمة المحاسبات في تونس 350 حكما ابتدائيا في قضايا انتخابية تعلقت بمخالفات مالية تم ارتكابها من قبل قائمات في الانتخابات التشريعية لسنة 2019.
وأكدت القاضية بمحكمة المحاسبات، فضيلة القرقوري، الثلاثاء في تصريحات إعلامية أن الأحكام تمثلت في إسقاط 80 قائمة للانتخابات البلدية بسبب عدم احترام مبدأ الشفافية، إلى جانب إحالة أكثر من 30 ملفا على أنظار النيابة العمومية لدى القضاء العدلي المختص، بسبب شبهات متعلقة بالإشهار السياسي والتمويلات غير المشروعة.
وذكّرت القاضية بأن الأعمال القضائية لمحكمة المحاسبات كانت انطلقت منذ أكتوبر 2020 بصدور التقرير العام حول تمويل الحملات الانتخابية للانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة لأوانها لسنة 2019 وتقرير تمويل الأحزاب.
هذا ورصدت محكمة المحاسبات خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019، اخلالات شابت الحسابات المالية للمترشحين، وشرعية مواردهم ومجالات إنفاقها إلى جانب مخالفات عدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه في مخالفة صريحة للقانون التونسي.
كما أشار تقرير محكمة المحاسبات الذي صدر في نوفمبر من العام الماضي إلى أن حركة النهضة تعاقدت مع شركة ضغط أميركية منذ عام 2014 لتلميع صورتها، والأمر نفسه ينطبق على حزب قلب تونس.
وفي السياق أوصت محكمة المحاسبات بتونس بالفصل بين عملية الرقابة الإدارية والمالية على الحياة السياسية وعملية الرقابة القضائية، مقترحة أن "يُعهد بمهمة مراقبة تمويل الحياة السياسية على غرار تمويل الأحزاب والجمعيات والحملات الانتخابية، إلى هيكل مستقل حتى يتمكن من الوقوف على جميع التمويلات غير المشروعة للفاعلين في الحياة السياسية في البلاد".
يشار إلى أن رئيس محكمة المحاسبات نجيب القطاري، كان قد صرح في وقت سابق أنه سيتم إسقاط عضوية كل قائمة تثبت عليها شبهة تمويل أجنبي.
وأوضح القطاري على إثر لقاء جمعه بالرئيس قيس سعيد، أنّ تقرير محكمة المحاسبات يؤكد وجود شبهات تمويل أجنبية لبعض الأحزاب كما أن 5 أحزاب فقط صرّحت بقوائمها المالية وتقارير نشاطها لدى محكمة المحاسبات.
وقال المحامي وعضو مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ناصر الهرابي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إنهم طالبو بالتسريع في الفصل في الجرائم الانتخابية من قبل محكمة المحاسبات لما لها من أثر على أي عملية انتخابية مرتقبة حتى تكون خالية من كل الشوائب، مذكرا بأن ارتكاب جرائم انتخابية من الفاعلين السياسيين يؤدي بالضرورة إلى سقوط قائمات انتخابية أو سقوط أشخاص منتخبين.
وبدوره أشار عضو هيئة الانتخابات أنيس الجربوعي إلى أن الهيئة قامت بقضايا جزائية في بعض المترشحين للانتخابات منذ انتخابات 2019 و2014 لكن القضاء تأخر في البت فيها بسبب بطء الاجراءات وعدم وجود قضاء مخصص للجرائم الانتخابية،
وأضاف الجربوعي في تصريحات للموقع أن 123 قضية في مخالفات انتخابية خلال الانتخابات البلدية الماضية مازالت دون إجابة معربا عن أمله في أن يأخذ قانون الانتخابات الجديد بعين الاعتبار جرائم الحملات الانتخابية ومشاكل التمويل الأجنبي والاشهار السياسي وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالأحزاب وانتماء رجال السياسة للجمعيات الرياضية وغيرها من المنظمات من أجل تلميع الصورة.
ومن جهته اعتبر القاضي المالي ورئيس اتحاد قضاة محكمة المحاسبات كمال فرحاتي في تصريحات للموقع أن محكمة المحاسبات قامت بدورها في تتبع المخالفات الانتخابية غير أن الزمن القضائي يختلف عن الزمن الانتخابي من أجل ضمان الحق في محاكمة عادلة للجميع وهو ما مدد في آجال المحاسبة للمخالفين.
ويعتبر مراقبون أن أخطر الجرائم الانتخابية المرصودة تتعلق بقائمات حزبي حركة النهضة وقلب تونس التي تنتظرها عقوبات صارمة وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب تشمل إلغاء فوز قوائم بالانتخابات وقد تصل حد حل هذه الأحزاب بعد ثبوت تحصلها على مال خارجي وتتبع قياداتها قضائيا بعد أن ساهمت في إفساد الحياة السياسية في البلاد طيلة العشر سنوات الماضية.