لم تطرأ تحولات كبيرة على طبيعة خريطة القوى الكردستانية الانتخابية في العراق، عشية الانتخابات العامة العراقية المقررة في 10 من أكتوبر القادم، حيث يهيمن الحزبان الرئيسيان، الديمقراطي والاتحاد الوطني، على المشهد، لكن المختلف هذه المرة كما يشير مراقبون هو توصل أحدهما وهو الاتحاد الوطني الكردستاني، لاتفاق مع حركة التغيير، المنشقة سابقا عنه، لتشكيل ائتلاف انتخابي موحد بينهما تحت اسم، تحالف كردستان.
وإلى جانب الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق، توجد عدة قوائم صغيرة نسبيا مثل تلك التابعة للأحزاب الإسلامية كالاتحاد والجماعة الإسلاميين، فضلا عن حركة الجيل الجديد، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأحزاب وحركات أخرى، ممن تبدو حظوظها محدودة في حصد المقاعد البرلمانية في بغداد.
وفي هذا السياق، يقول مصدر مقرب من قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية: "نحن واثقون من أننا هذه المرة سنزيد من عدد مقاعدنا في البرلمان العراقي، وسنحافظ بذلك على صدارتنا للكتل الكردستانية في بغداد، فطموحنا أن نصل لنحو 30 مقعدا على الأقل، خاصة وأن الكتل المنافسة أو بالأحرى الكتلة الوحيدة المنافسة لنا، وهي تحالف كردستان، تعاني من مشاكل داخلية عميقة، في صفوف الطرفين المؤتلفين ضمن التحالف".
ويردف: "لو جمعنا الآن عدد مقاعد الاتحاد الوطني وحركة التغيير، داخل مجلس النواب العراقي، فهي لا تتعدى سوية 23 مقعدا، في حين أن مقاعدنا الحالية تبلغ 25، ونحن عازمون كما أسلفت على زيادة عددها".
ويبقى المهم في النتيجة أن تتعاون مختلف الكتل الكردستانية داخل البرلمان العراقي ما بعد انتهاء الانتخابات وبدء الدورة البرلمانية الخامسة الجديدة، كما يقول المصدر المقرب من الديمقراطي الكردستاني، الذي يضيف: "وأن نعمل جميعنا على تكريس الدور الكردي الفاعل في بغداد لما فيه مصلحة إقليم كردستان والعراق العامة".
من جانبه، يقول الكاتب السياسي جمال آريز، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية: "بحكم طبيعة توزيع الدوائر الانتخابية هذه المرة، وفق النظام الانتخابي الجديد، ستكون هناك اختلافات وربما تقود بعض القوائم الكردية للدخول في حسابات خاطئة، بحيث لا يتوافق حساب الحقل الحزبي والبيدر الانتخابي، فمثلا هذه المرة صوت واحد فقط لمرشح ما ضمن الدائرة الواحدة، يرجح كفته علي حساب بقية المرشحين، لكن بصفة عامة لا يتوقع أن تحدث تغييرات كبيرة في خريطة توزيع القوى البرلمانية الكردية، في البرلمان الاتحادي ببغداد، مع توقع أن يحتل تحالف كردستان المرتبة الأولى، على حساب كتلة الديمقراطي الكردستاني هذه المرة".
أما القوائم الإسلامية الكردية فعلى الأرجح ستتراجع حظوظها أكثر هذه المرة، كما يرى الكاتب الكردي العراقي، الذي يردف: "مع احتمالية استقطاب أكبر لأصوات المعارضين في إقليم كردستان العراق، من قبل قائمة الجيل الجديد، التي يتوقع أن تحصل على بضعة كراسي بحدود 4 إلى 5 مقاعد برلمانية، لتحل ثالثة بعد القائمتين الكرديتين الرئيسيتين".
لكن الفروقات في المشهد الكردي الانتخابي، قد تحدث هذه الدورة، في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، بحسب آريز الذي يقول: "نتيجة التبدلات في الواقع الاداري والسياسي والعسكري في تلك المناطق، بعد تنظيم الاستفتاء على الاستقلال، في كردستان العراق في مثل هذه الأيام في العام 2017، لكنها لن تعني حدوث تغييرات دراماتيكية في الحجوم، بمعنى أن القوى الكردية ستبقى مسيطرة انتخابيا، في مختلف تلك المناطق وخاصة في محافظة كركوك المهمة، التي يحظى الأكراد فيها بالغالبية".
من جهته يرى مصدر برلماني كردي في العاصمة العراقية بغداد، في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية: "أن طبيعة المناخ الانتخابي تقتضي زيادة المماحكات والتنابذ والتلاسن بين القوى المتنافسة، خاصة الحزبين الكرديين الكبيرين، لكنهما في المحصلة ومع انقشاع غبار المعركة الانتخابية، سيجدان نفسيهما ملزمين بالعمل سوية، أقله فيما يخص رسم الخطوط العريضة لسياسة إقليم كردستان وتحالفاته في بغداد".
هذا وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، قد أعلنت قبل أيام انتهاء كافة الاستعدادات لإجراء الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر المقبل، موضحة أن اللجنة الأمنية "أكملت جميع الاستعدادات، وأن كافة الأمور اللوجستية تمت على أفضل وجه".
يذكر أن العدد الكلي للمرشحين للانتخابات العامة العراقية، يبلغ أكثر من 3200 مرشح، بينهم 951 مرشحة، يتنافسون على 329 مقعدا برلمانيا هي مجموع مقاعد مجلس النواب العراقي.
وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات العامة العراقية الأخيرة في العام 2018، الأقل منذ اجراء أول انتخابات تعددية في العراق في العام 2005 بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث بلغت نسبة المشاركة فيها 44.5 في المئة.
ويبلغ عدد مقاعد الكتل الكردستانية في مجلس النواب العراقي في دورته الحالية، 58 مقعدا، توزعت بين كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، وحركة التغيير والتحالف من أجل الديمقراطية وحراك الجيل الجديد.