قبل نحو أسبوعين على موعد الانتخابات العراقية، أطلق علماء دين فتاوى تحرم بيع بطاقات الناخبين، ضمن جهود استباقية لمنع التزوير في عملية الاقتراع المرتقبة.
وأصدر الفتاوى كل من المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، والمجمع الفقهي العراقي.
ومن المقرر أن يُجري العراق، انتخابات نيابية مبكرة في العاشر من أكتوبر المقبل، جاءت استجابة لضغط الاحتجاجات الشعبية.
وقال المجمع العراقي (أعلى هيئة إفتاء سنية) في بيان الخميس، إن "حيازة بطاقة الناخب تضمن عدم استغلالها وتحفظ حق صاحبها مهما كان موقفه من العملية السياسية، ولذا ينبغي الحرص على حيازتها".
وأضاف "لا يجوز بيع أو شراء بطاقة الناخب وثمنها من السحت الحرام؛ لأنها تفضي إلى استحواذ الفاسدين من ذوي المال السياسي والنفوذ على الأصوات الكثيرة، وفيه إعانة على الإثم والعدوان، وتهاون في أداء الشهادة وإضاعة للأمانة وتفريط بالمسؤولية، ويفتح باباً للرشوة والغش والتزوير، وكل ذلك مُجمع على حرمته، وفيه زيادة في الفساد وتقوية للمفسدين، وإن الحرص على حيازتها وسيلة تمنع من استغلال الفاسدين لها".
وتابع البيان: "كل مرشح يثبت بيقين قيامه بشراء بطاقات الناخبين ينبغي إسقاط حقه في الترشيح والتشهير به؛ لأنه عنصر فساد يقوض مقصد التغيير المرجو من عملية الانتخابات، وهذا من باب الأخذ بالإجراءات الاحترازية لضمان نزاهة عملية الانتخابات وتحجيم منافذ الفساد والتلاعب بها".
التصويت البايومتري
وخلال الانتخابات السابقة، استُخدمت العديد من البطاقات الانتخابية، المملوكة لأشخاص آخرين، وصوّتت لمرشحين، بعد شرائها، وذلك في عملية تزوير واسعة، رصدتها المنظمات الدولية والمحلية.
غير أن اعتماد العراق، التصويت البايومتري، في هذه الانتخابات، والمراقبة الدولية المكثفة، فضلاً عن الإجراءات الاستثنائية التي أعلنت عنها حكومة الكاظمي، عقدت من استخدام تلك البطاقات، وأصبح من شبه المستحيل استعمالها والتصويت بها من غير أصحابها.
من جهته، أفتى مكتب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، بعدم جواز بيع أو شراء بطاقة الناخبين البايومترية.
وفي تصريح تلفزيوني لأحد المرشحين للانتخابات المقبلة، قال المرشح إن "سعر البطاقة الانتخابية في العاصمة بغداد وصل إلى 300 دولار"، فيما أشار آخر إلى أن "السعر لا يتعدى المئة دولار في أطراف المدن".
وجرت العادة أن يشترط المرشحون المزورون إعطاء المبلغ المالي المتفق عليه بعد تصويت الناخب وتصوير تصويته في هاتفه، قبل الإدلاء في صندوق الاقتراع، وقد أثارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت الرأي العام في تصريحها عن "عدم السماح بدخول الهواتف النقالة في مراكز التصويت".
مصالح المواطنين
بدوره، قال أستاذ الشريعة، مصطفى العبيدي، إن "الفتاوي الدينية التي صدرت من المجمع الفقهي، وكذلك مرجعية النجف، تمثل الصوت الديني الحر، الذي يسعى للحفاظ على مصالح المواطنين، ويرشدهم إلى ما فيه خيرهم، وخير البلاد، وهي فتوى بالتأكيد ستحد من تلك الممارسات الخاطئة، وتعزيز شفافية الانتخابات، لإفراز ممثلين حقيقيين عن الشعب".
وأضاف العبيدي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الهدف من الانتخابات هو الوصول إلى من يخدم المواطنين،
ويتحمل تلك المسؤولية، وبالتالي فإن جميع المحطات نحو هذا الهدف، ينبغي أن تتم بشفافية عالية، وبعيداً عن الخداع والتضليل، والتسميم السياسي، والممارسات اللاأخلاقية، ما يحتم على الحكومة أيضاً بذل المزيد من الجهود، لإنجاح هذا الحدث المهم في تاريخ العراق".
ويتراوح سعر البطاقة الانتخابية الواحدة بين 50 إلى 150 دولار، وهو مبلغ يبدو زهيداً بالمقارنة مع هذه العملية المطولة من الاتفاق والشراء والدفع على مرحلتين.
لكن مصادر محلية، أكدت أن السماسرة يتقصدون التواصل مع "قادة العائلات"، كونهم يستطيعون تأمين ما بين 50 إلى 100 بطاقة انتخابية من أفراد عائلاتهم، مما يرفع من قيمة المبالغ التي يحصلون عليها.
وبحسب مصدر تحدث لـموقع "سكاي نيوز عربية" فإن "زعماء في بعض عشائر، أيضا دخلوا في تجارة البطاقات الانتخابية، عبر التكفل أمام المرشح، بالحصول على عدد محدد من بطاقات الناخبين، مقابل مبالغ مالية".