تراجع منسوب المياه في خزان سد دهوك في إقليم كردستان العراق، بشكل كبير، إلى درجة ظهور قرية كانت قد غمرتها المياه قبل سنوات طويلة، في أحدث مؤشرات أزمة المياه المتفاقمة في البلاد.
وتراجع منسوب خزان السد هذا العام، بسبب قلة الأمطار، ليصبح أقل من نصف مما كان عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب ما يقول رئيس جمعية الموارد المائية العراقية - فرع دهوك رمضان حمزة، لموقع "سكاي نيوز عربية".
وقد نجم عن التراجع الحاد في منسوب المياه بسد دهوك، ظهور آثار قرية كري قسروك المغمورة بالمياه منذ عام 1987 أي قبل نحو 35 عاما.
وكانت هذه القرية الواقعة على الشارع العام المؤدي من دهوك لقضاء العمادية المجاور، حيث تتموضع على تلة مرتفعة معتمدة على مياه العيون، وتشتهر بالبساتين وبزراعة مختلف أنواع الفاكهة من الرمان والتين والخوخ والمشمش والسفرجل والعنب، وكان سكان دهوك يقصدونها كل نهاية أسبوع، مشيا على الأقدام لقربها من المدينة .
ويشرح الخبير المائي العراقي عمق المشكلة، قائلا: "هذا الانخفاض في مستوى المياه مرده قلة الوارد المائي من الأمطار والعيون، التي تغذي خزان السد، وكذلك إطلاق كميات المياه في مواسم الوفرة المائية دون النظر والتحسب لسنوات الجفاف".
ويعيش العراق في السنوات الأخيرة أزمة جفاف تفاقمت حتى في المناطق الشمالية مثل إقليم كردستان العراق، التي لطالما كانت متميزة بوفرتها المائية، وبغطائها النباتي الكثيف وغاباتها، وما زاد طين أزمة المياه بلة، سياسات الدول المجاورة مثل تركيا وإيران اللتين قلصتا من مياه الأنهار المتدفقة على العراق.
ويضيف رمضان وهو من أبناء المنطقة، وكان من الفريق الهندسي العامل في تشييد سد دهوك في نهاية الثمانينات :"غمرت القرية بمياه خزان سد دهوك عام 1987، حيث كان يسكنها نحو 30 عائلة، وفيها مدرسة إبتدائية كانت تستقطب الطلاب من القرى المجاورة لها أيضا، واليوم وبعد إنخفاض منسوب المياه في خزان سد دهوك بسبب قلة الأمطار والجفاف، ظهرت أخيرا".
وأضاف "لم تتأثر جدران المدرسة كثيرا كونها مبنية من الحجر والأسمنت وبمواصفات هندسية جيدة آنذاك، بينما سطح المدرسة كان قد أزيل للحصول على حديد التسليح" .
ويتابع رمضان وهو أيضا كبير خبراء الاستراتيجيات والسياسات المائية في جامعة دهوك :"ظهور آثار قرى أو آثار لحضارات قديمة، حدث متوقع عادة عند تراجع مناسيب خزانات السدود، ومنها خزان سد الموصل مثلا، عندما انخفض منسوب المياه في الخزان لأدنى حدوده العام 2018، وظهرت قرى طمرت لشمولها بخط الغمر المائي وآثار قديمة جدا تعود لزمن الآشوريين والميتانيين (...) وهذا طبيعي كون المنطقة كانت موطنا لعدة حضارات متعاقبة".