ولدت الحكومة اللبنانية بعد أكثر من عام على استقالة حكومة حسان دياب، في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، الذي دمر أحياء العاصمة بيروت وفاقم حدة الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين، الذين بات 78 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر.
وبعد 13 شهراً من المراوحة و3 رؤساء حكومات تم تكليفهم لتشكيل الحكومة العتيدة، أبصرت الحكومة اللبنانية النور وانعكس خبر تشكيلها إيجاباً على الشارع اللبناني، وعلى معظم مواقع التواصل الاجتماعي، كما على آراء المحللين السياسيين والإعلاميين. وشعر المواطن اللبناني ببعض الارتياح الممزوج بالحذر.
وكردة فعل سريعة، تراجع سعر صرف الدولار الأميركي من حوالي 19000 ليرة لبنانية إلى 15000 ليرة بعد أن تهافت المواطنون على مراكز الصرافة لبيع الدولارات التي كانت بحوزتهم خوفا من تراجع سعرها بشكل كبير وحاد وتجنباً للخسائر.
أفضل الممكن
وقال المحلل السياسي منير الحافي في تعليق لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الحكومة الجديدة، ورغم كل ما قيل عن ثلث معطل مقنّع للرئيس ميشال عون فيها، إلا أنها تأتي اليوم كـ"أفضل الممكن محلياً وإقليمياً".
وأضاف الحافي "إلا أن اللبنانيين كانوا ينتظرون حكومة اختصاصيين من دون محاصصات سياسية. فهم يريدون حكومة متجانسة تنقذهم من الهموم الهائلة التي أوقعهم فيها الفاسدون من السياسيين والمسؤولين. وتبقى النقطة الايجابية المهمة أن أية حكومة وإن كانت "غير كاملة" أو "عرجاء" فإنها أفضل من حكومة مستقيلة".
وختم: "عيون اللبنانيين شاخصة إلى الحكومة والعالم كله يتطلع لإنقاذ لبنان. فليبدأ الإنقاذ من داخل لبنان أولى، وهذا ما يأمله الشعب اللبناني الذي يعيش ذلاً غير مسبوق في تاريخه".
تفاؤل حذر
بدوره، قال رئيس مؤسسة "justicia" للإنماء وحقوق الإنسان بول مرقص، لموقع "سكاي نيوز عربية": "أعتقد أننا أمام تفاؤل حذر، فالتفاؤل يكمن في أن مجرد تشكيل الحكومة في لبنان يعطي بشائر أمل بعد فترة طويلة من ولاية حكومة مستقيلة تصرف الأعمال بالحد الأدنى لأن الثقة تنبع من الاستقرار السياسي وهي التي تحقق الخيرات الاقتصادية والمنافع المالية للبلاد ومن شأنها جلب مصادر التمويل".
وأوضح "هذا موقوف على أمرين: جدية هذه الحكومة وتضامنها وفعاليتها في إجراء الاصلاحات المطلوبة، وثانيها وهو الأهم هو رضا الدول الفاعلة عن تركيبتها السياسية وبالتالي فإن الأثر النفسي كبير لكنه يلعب دورا بالنسبة للداخل اللبناني، وقد ترجم بانخفاض ملحوظ لسعر صرف الدولار ونأمل أن يستمر هذا الانخفاض، ولكن نخشى أيضا في حال تعثر عمل الحكومة حيال الملفات الضخمة التي تنتظرها والإصلاحات الكبيرة التي تشخص إليها الأنظار وهي بمثابة عمليات جراحية كبيرة وموجعة، نأمل ألا يعود هذا السعر إلى الارتفاع فيكون انخفاضه بآلاف الليرات وارتفاعه بعشرات الألوف".
ضغط دولي للتشكيل
ورأى المحلل السياسي صلاح تقي الدين، في حديثه مع "سكاي نيوز عربية": "من حيث المبدأ هي خطوة إيجابية وتبث راحة نفسية لدى الناس بالداخل وأيضا على المستوى الدولي الذي كان يضغط بشكل جدي من أجل تشكيل الحكومة ولولا أنه مارس هذه الضغوط بشكل مكثف خلال الـ24 ساعة الماضية لم تكن الحكومة لتتشكل".
وأضاف "المطلوب من الحكومة وضع خطة وقف الانهيار والانطلاق إلى وضع خطة معالجة الظروف السيئة التي يعاني منها المواطن من فقدان المحروقات وغيرها وهذا ما ينتظره الناس".
وتابع: "من الناحية المبدئية مسارعة المجتمع الدولي للترحيب بتشكيل الحكومة سواء من الأمين العام للأمم المتحدة أو من قبل الاتحاد الأوروبي والفرنسيين هي دليل على أن الرئيس ميقاتي وحكومته يمكنهم الحصول على دفعة مساعدات بإمكانها توقيف الانهيار الحاصل".
وختم بالقول: "ومن ناحية ثانية تصريح الرئيس ميقاتي أنه سيطرق كل أبواب الدول العربية لإعادة مكانة لبنان في العالم العربي وعدم الانسلاخ عن محيطه الطبيعي يبشر بإعادة العلاقات مع الدول العربية والتي تدهورت خصوصاً مع دول الخليج".