لم يدخر مرشحو الانتخابات البرلمانية والمحلية في المغرب، جهدا في التودد إلى الناخبين، أملا في الظفر بأصواتهم، عندما يتوجهون يوم الأربعاء، إلى صناديق الاقتراع، في ثالث انتخابات تشهدها المملكة، منذ إقرار دستور عام 2011.
انطلقت الحملة الانتخابية، في السادس والعشرين من أغسطس الماضي، وسط أجواء غير مسبوقة، نظرا إلى القيود المفروضة في البلاد، لأجل الوقاية من فيروس كورونا، لا سيما أن المملكة شهدت تفاقما للوباء، خلال الآونة الأخيرة، فارتفعت الحالات والوفيات، بصورة ملحوظة.
وتنتهي الحملة الانتخابية، منتصف ليل الثلاثاء، بعدما شهدت مواقف تتراوح بين الطرافة والتشنج، إضافة إلى حوادث لم تكن متوقعة؛ مثل إيقاف تجمعين انتخابيين لمسؤولين بارزين، بسبب خرق قيود الوقاية من كورونا.
وأوقفت السلطات تجمعين انتخابيين، أحدهما لرئيس الحكومة الحالية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، والآخر لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، عزيز أخنوش، وهو من بين المرشحين الأوفر حظا لقيادة الائتلاف الحكومي المقبل في البلاد، على خلفية عدم احترام التباعد الاجتماعي.
طعام وأسواق
حرص مرشحو الانتخابات، على إبراز أنفسهم كأشخاص متواضعين قريبين من الشعب، فشاركوا صورا لأنفسهم وهم يتناولون أطعمة بسيطة، وهو أمر يجري رصده وتكراره في كل انتخابات تشهدها المملكة.
الوزير السابق عن حزب العدالة والتنمية، الحبيب الشوباني، شارك عبر موقع "فيسبوك"، صورة له إلى جانب أعضاء من الحزب حول مائدة "متواضعة"، قائلا إنهم يأكلون زيتا وخبزا ويشربون الشاي، في مسعى إلى إظهار البساطة.
ولا تختلف صورة الشوباني الذي قاد حملة الحزب في جهة الجنوب الشرقي للمغرب، عن صور سياسيين مغاربة آخرين، فالأمين العام السابق لحزب الاستقلال (معارضة)، كان قد اشتهر بصورة له وهو يمسك قطعة من مخبوز مقلي يُعرف بـ"الشفنج".
وظهر رئيس الحكومة الحالي، بدوره أمام مطعم صغير للسندويتشات، في صورة تم تداولها على نطاق واسع، بينما بدا رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو من أشد المنافسين، يأخذ قطعة من التمر، عند استقباله في تجمع انتخابي.
وفي الثقافة المغربية، يجري تقديم حبات التمر والحليب، للضيف أو لشخص ما، عند قدومه، من باب إظهار الإكبار والاحترام، وهو ما جرى القيام به مع مرشحين آخرين في الحملة.
وظهر عدد من المرشحين في أسواق المدن وهم يحادثون الباعة، ويستمعون إلى انشغالاتهم، بينما كان مواطنون يتحدثون عن القضايا التي تؤرقهم، وفي مقدمتها الاقتصاد.
لكن جولات وحملات المرشحين، لم تخل من العراقيل، إذ ووجه كثيرون منهم بانتقادات وهتافات مناوئة، وسط تشكيك أناس غاضبين يقولون إنهم يسمعون الوعود المعسولة نفسها، على رأس كل خمسة أعوام، دون أن يلمسوا تغييرا كبيرا في واقعهم اليومي.
زغاريد وأوراق
بدت شوارع مدن مغربية وهي مكسوة بالأوراق التي نثرها من يروجون للأحزاب، وسط استياء من هذا السلوك، لأنه "غير بيئي"، بحسب منتقدين، كما أنه يزيد من عناء من يعملون في قطاع النظافة.
لكن مرشحي وأعضاء الأحزاب، لم يقلعوا عن هذه العادة "القديمة"، لا سيما في أوج الحماس الذي يطغى على الحملة، والانسجام في أجواء راقصة أحيانا.
وأظهر مقطع فيديو أثار سخرية واسعة، تجمعا لحزب الاتحاد الاشتراكي (يسار) وقد تحول إلى ما يشبه حفل زفاف، نظرا إلى انهماك المشاركين في الغناء والرقص، والإشادة بالمرشح، على غرار ما يحصل إزاء عريس من العرسان.
مرصد "فيسبوك"
تحول موقع التوصل الاجتماعي "فيسبوك"، وهو الأكثر انتشارا في المغرب مقارنة بـ"تويتر" ومنصات أخرى، إلى ما يشبه مرصدا لتتبع ما يقوم به المرشحون، لا سيما عندما يقع أحدهم في زلة من الزلات، أو يصدر عنه ما يصلح ليكون مادة للسخرية والتفاعل.
وحاولت الأحزاب المغربية أن تستفيد من زخم وطفرة المنصات الاجتماعية، فعرضت إعلانات ومنشورات ومقاطع فيديو، على عدة صفحات، في مسعى إلى استمالة الناخبين.
ودخل مستخدمو المنصات أيضا في نقاشات مستفيضة حول أمور تهم الانتخابات؛ مثل المشاركة في التصويت ومستوى المرشحين، فضلا عن تقديم توقعات بشأن من ستكون كفته هي الراجحة يوم 8 سبتمبر.
لكن المنصات الاجتماعية التي جرت الاستعانة بها، أملا في تجاوز القيود المفروضة على التجمعات، لن تكون حاسمة على الأرجح، بحسب متابعين، لأن مغاربة كثيرين يعيشون في القرى، ولن يمنحوا أصواتهم، بناء على ما طالعهم في "فيسبوك"، بل بالاستناد إلى اعتبارات كثيرة متظافرة مثل معرفة الشخص المرشح والانتماء القبلي وتقدير ما يصب في مصلحتهم عندما يوالون هذا المرشح أو ذاك.