يمضي حزب العدالة والتنمية نحو انتخابات 8 سبتمبر في المغرب، مثقلا بانتقادات لاذعة لأدائه الحكومي خلال العشر سنوات الماضية، بعدما قاد الائتلاف الحكومي لولايتين متتاليتين.
في المقابل، تبحث الأحزاب التاريخية، ومنها أحزاب الاستقلال (معارض) والتقدم والاشتراكية (معارض) والاتحاد الاشتراكي (مشارك)، عن موطئ قدم لها في المشهد الانتخابي في المملكة.
"استفاقة" سياسية للتموضع
على مدى 10 سنوات، مدت الأحزاب التاريخية يدها لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، لكن سرعان ما اصطف حزبا الاستقلال والتقدم والاشتراكية مع الأحزاب المعارضة.
وكانت هذه "استفاقة" سياسية للحزبين التاريخيين، وإن كانت متأخرة، فضّلت من خلالها قيادات الحزبين النأي بحزبيهما عن تهم الفشل التي تلاحق الحكومة بقيادة "العدالة والتنمية"، والانتقادات التي تطال أداءها.
ورغم كل ذلك، تعمل هذه الأحزاب جاهدة على التموضع من جديد في المشهد الانتخابي، من خلال الحصول على مقاعد أكثر في البرلمان المقبل.
وخلال حديثه لموقع "موقع سكاي نيوز عربية"، أبرز عضو رابطة الأساتذة الجامعيين الاستقلاليين (تابع لحزب الاستقلال)، محمد أبركان، أن "طموح حزب الاستقلال يتمثل في الدرجة الأولى برئاسة الحكومة وتصحيح العديد من الأعطاب والاختلالات في مختلف المجالات، إلى جانب استعادة الثقة في العمل السياسي".
وأضاف أبركان، وصيف لائحة الحزب بدائرة الحسيمة (شمال)، أن "حزب الاستقلال يعتبر من الأحزاب الوطنية الكبرى، التي تتوفر على قواعد وفية في المجال القروي والحضري، وبالتالي يمكنه المنافسة على صدارة نتائج الانتخابات المقبلة وطنيا وجهويا ومحليا".
كما نوه في حديثه، إلى ما وصفه بـ"ضعف الحكومة السابقة، برئاسة العدالة والتنمية، وعدم استجابتها لتوقعات ومطالب المواطنين، لا سيما الفئات الضعيفة والهشة والطبقة المتوسطة كذلك".
فرصة للأحزاب التاريخية
ويستبعد المحلل السياسي، إبراهيم الشافعي، أن "يحقق حزب العدالة والتنمية أرقاما مشابهة لما حققه في الانتخابات التشريعية السابقة، إثر الانتقادات اللاذعة الموجهة له، وعدم الرضى على الأداء الحكومي، وهي ضريبة متوقعة".
وتابع لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذا ما يجعلنا نتساءل عن البديل وعن فرصة الأحزاب التاريخية (الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية) لاستعادة حضورها في المشهد الانتخابي الذي لم يغب تأثيره، لكن غابت فعاليته".
وفي هذا السياق، أشار إلى "عمليات توحيد الصفوف داخل هذه الأحزاب استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، آملة بتحقيق أكبر عدد ممكن من المقاعد، حتى تتمكن من الدخول في التحالف الحكومي المقبل، ولا تجد نفسها مضطرة للعب دور المعارضة".
سيناريوهات وتوقعات ممكنة
لكن الشافعي، أكد كذلك أنه "من الصعب توقع تحالفات بين هذه الأحزاب التاريخية"، التي شكلت في السابق تحالف "الكتلة الديمقراطية".
وتأسست الكتلة الديمقراطية عام 1992، كإطار من أجل تنسيق مواقف الأحزاب المكونة لها (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الاستقلال، التقدم والاشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) في "نضالها الموحد من أجل تحقيق مطلب الإصلاح".
وأبرز الشافعي أنه "رغم المبادئ المشتركة بين الكتلة الديمقراطية، فإنها لا تضع خطوطا حمراء في التحالفات، بل تبقى داخل المنطقة الرمادية المنفتحة على جميع السيناريوهات المسهلة لتموضع من جديد في المشهد الانتخابي".
تحديات أمام الأحزاب
ويواجه هذا الأمر على المستوى الواقعي، تحديات لهذه الأحزاب، ترتبط أساسا "بكيفية إقناع المواطن ببرامجها الانتخابية، والدفع به للمشاركة السياسية، والابتعاد عن الشعارات العامة"، بحسب أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، عبد الله أبو عوض.
وأوضح أبو عوض، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "العزوف السياسي الذي يعرفه المشهد برمته، يطرح تحديات لكل الأحزاب السياسية التاريخية، التي يعرف بعضها شرخا تنظيميا، من حيث الحفاظ على الكتل الناخبة المرتبطة بالحزب تنظيما وتأسيسا".
كما اعتبر أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن "جل الأحزاب كلاسيكية في تدبير العملية الانتخابية، والممارسة السياسية".
وأضاف: "لذلك لم تقم كل الأحزاب بخطوات عملية للتصالح مع الناخب المغربي، بل بعضها فقط، وكان له السبق في إعادة هيكلته التنظيمية بخلق الهياكل الموازية والبرامج التفاعلية المرتبطة ببرنامج الحزب".
وفي هذا السياق، يرى الشافعي أن "الأحزاب التاريخية راهنت على استعادة ثقة المواطن المتزعزعة والمتراجعة بالسنوات الأخيرة، بسبب ضعف الخطاب السياسي وظاهرة الترحال السياسي، والحفاظ على نفس الأشخاص والنمطية وغياب التجديد والإبداع".