بعد الإعلان عن إجراء انتخابات محلية مبكرة في الجزائر يوم 27 نوفمبر المقبل، يرى مراقبون أن هذا الموعد سيكون الحلقة الأخيرة بمسار تجديد وإقامة مؤسسات "الجمهورية الجديدة"، بعد الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات البرلمانية التي جرت شهر يونيو الماضي.
ووقع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت، مرسوما رئاسيا يقضي باستدعاء الهيئة الناخبة تحسبا للانتخابات المبكرة لمجالس البلديات والولايات، المقررة يوم 27 نوفمبر المقبل.
وحسب بيان للرئاسة الجزائرية، فإن نفس المرسوم "تضمن بدء المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 15 سبتمبر" المقبل.
يذكر أن اجتماع المجلس الأعلى للأمن الذي ترأسه تبون بتاريخ 4 أغسطس الماضي، تطرق إلى "تحضيرات الاستحقاقات المحلية المقبلة في نوفمبر، إذا تحسنت الوضعية الصحية في البلاد".
امتحان آخر
ويعتبر الموعد الانتخابي المقبل، حسب الكثير من المراقبين للشأن السياسي في الجزائر "اختبارا آخر" للأحزاب، خاصة أنه ثمة دعوة إلى انتخابات مبكرة لأول مرة.
فضلا عن ذلك، لا يمكن حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية من دون انتخابات محلية تعمل على تجديد مجالس البلديات والولايات، لا سيما أن هذه المجالس هي الأقرب مباشرة إلى المواطن ومصالحه الحيوية.
وعادة ما تكون مشاركة الناخبين في الانتخابات المحلية أكبر من نظيرتها في الانتخابات الأخرى، نظرا لاهتمام المواطن بالبلديات باعتبارها على احتكاك مباشر به، إضافة إلى أنها آلية تطبيق مخطط الحكومة على المستوى المحلي.
وبالموازاة مع ذلك، كشفت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، المسؤولة على تنظيم الانتخابات في الجزائر، عن انتهاء اللجنة المختصة من عملية الانتقاء الأولي للمرشحين لمنصب الأمين العام لـ"المندوبيات الولائية".
وأفاد بيان لسلطة الانتخابات أنه تم ضبط قائمة أولية من المترشحين حيث تم اختيار 10 مرشحين لمندوبية الجزائر العاصمة، و5 للمندوبيات الثلاث: قسنطينة ووهران وعنابة.
الأحزاب تستعد
وأبدت الطبقة السياسية استعداداتها للتحضير لهذا الاستحقاق الانتخابي، على رأسها الأحزاب المعتادة على المشاركة، فأشرف البعض منها على استكمال تنصيب اللجان التحضيرية على مستوى المحافظات، فيما برمجت تشكيلات سياسية أخرى لقاءات مع القواعد لـ"جس النبض".
وأكد القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي صافي لعرابي، أن الحزب شرع في التحضير للانتخابات المحلية مباشرة بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية في 12 يونيو الماضي، وهذا على مستوى قواعد الحزب عبر محافظات البلاد.
وأبرز المتحدث ذاته في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "التجمع الوطني الديمقراطي يطمح لتعزيز موقعه في الساحة السياسية، بعدما حصل على المرتبة الرابعة في البرلمان الجديد بـ58 مقعدا"، معتبرا أن "هذه الانتخابات المحلية لبنة في مسار التغيير المنشود، عبر التأسيس لهيئات منتخبة جديدة بعيدا عن تصرفات الماضي".
خارطة طريق
وفي المقابل، شرع حزب جبهة التحرير الوطني الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية السابقة، في عقد سلسلة من اللقاءات مع أمناء المحافظات ورؤساء اللجان الانتقالية لكل محافظة، في حين تستمر هذه الاجتماعات حتى 6 سبتمبر.
وبلغ عدد المحافظات التي التقاها الأمين العام لـ"الأفلان" بعجي أبو الفضل أكثر من 20 محافظة، وتندرج هذه اللقاءات حسب بيان للحزب اطلع عليه موقع "سكاي نيوز عربية"، في إطار التحضير للانتخابات المحلية المقبلة.
كما اعتبر الحزب ذاته أن "تحديات المرحلة، خاصة بعد الفوز الذي حققه الحزب في التشريعيات الماضية، تدعو إلى الارتقاء بأدائه إلى مستوى المسؤولية التي تقع على عاتقه، وهذا من خلال التواصل الدائم مع الرأي العام باستخدام وسائل الإعلام والاتصال، وكذا الإنصات الجيد لانشغالات المواطنين والحرص على التعاطي مع قضاياهم والدفاع عن مطالبهم المشروعة".
وجاء في بيان لمجلس الأمة (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، الاثنين، أنه "بعد استدعاء الهيئة الناخبة تحسبا لإجراء الانتخابات المحلية المسبقة المرتقبة في 27 نوفمبر المقبل، فإنه ينوه بخارطة الطريق السياسية لإرساء دعائم الجمهورية الجديدة المنتهجة من قبل رئيس الجمهورية، لاستكمال بناء الدولة والمؤسسات الدستورية وبمراميها في تدبير حاجيات الشعب الجزائري".
ومن المنتظر أن تجدد هذه الانتخابات المبكرة، التي كانت مقررة في عام 2022، مجالس 58 محافظة بعد التقسيم الجديد، بعدما كانت 48 في الانتخابات المحلية لعام 2017، إضافة إلى 1541 بلدية.