يجري الرهان على قمة الجوار العراقي، المرتقبة أواخر أغسطس الجاري، حتى تكون قمة لعودة بغداد إلى لعب دورها الإقليمي والدولي، لا سيما أنها تأتي في ظل ظروف استثنائية تحيط بالعراق والمنطقة.
وتأتي القمة أيضا في ظل عدم حسم ملفات حساسة عالقة منذ سنوات، تتعلق بموضوعات داخلية وخارجية، وترتبط باستقرار العراق وتعزيز أمنه، وهو ما يطرح أكثر من عقبة أمام جهود إحراز تقدم في الملف العراقي.
لكن العقبات لا تلغي ما سيتحقق من مكاسب يصفها البعض بالمرحلية، والتي تسعى بغداد لتحقيقها، من خلال استثمار الحضور الدولي الكبير، في مسعى لفتح فرص العودة من جديد إلى الساحة العراقية الواعدة، فضلاً عن مكاسب خارجية مهمة، تتمثل بتحقيق تقارب قد يحسم ملفات الخلاف الإقليمي.
حضور إقليمي ودولي منتظر
تم توجيه دعوات عدة، إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن دول الجوار العراقي والإقليمي، لحضور القمة التي ستنطلق السبت المقبل (28 من الشهر الحالي)، وفقاً لوزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين.
وفي انتظار عقد القمة، تثار تساؤلات عدة حول ما إذا كان العراق سيتمكن من استعادة دوره الإقليمي، وهل ثمة طموح لدى بغداد من أجل لعب دور الوسيط ونزع فتيل الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.
استراتيجية التغيير
قطعت حكومة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، شوطاً في إعادة بناء علاقات العراق الخارجية مع دول الجوار ودول الإقليم، فضلاً عن بناء علاقات ثنائية في مختلف المجالات مع دول العالم، لتوطيد تلك العلاقات المتميزة، وإرساء آفاق التعاون مع الجميع.
يرى الباحث والمفكر السياسي، أحمد الياسري في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الاشتغالات السياسية التي عملت عليها حكومة الكاظمي كحكومة تصريف أزمات أمنية، هي الانتقال من مفهوم (inside out ) إلى مفهوم (outside in ) أي الانطلاق من الخارج لإيجاد صيغ التسوية الداخلية.
ويضيف الياسري، أن النجاحات التي يحققها العراق في خلق مساحة حلول ضامنة تنعكس على وضعه الداخلي، فالتسوية الإيرانية الأميركية في الملف النووي، تجنب العراق التحول لميدان حرب بين الطرفين، عبر الفاعلين الداخليين، وهو ما قد يخلق فراغاً أمنياً يؤدي إلى تأهب داعش بعودة فجائية تربك الاستقرار الأمني بالمنطقة وتعيد مشهد عام 2014 إلى الواجهة.
لكن هل سينجح العراق بتحقيق تسوية بين الخصوم الإقليميين؟ هنا، يقول الباحث أحمد الياسري، إن قيام العراق بتسوية بين لإيران وخصومها الإقليميين، أيضاً، يمنح العراق فرصة العودة الضامنة إلى محيطه العربي وفرصة التحرر من الكماشة التركية الإيرانية الخانقة، عبر فواعلهما الأمنية والتجارية في الداخل العراقي.
النتائج المتوقعة
رغم صعوبة المهمة والملفات الشائكة، يبقى الرهان الأخير على درجات التفاؤل، فالمعطيات الحالية والاحتمالات المستقبلية، تدفع إلى حلول، قد تنتهي بتصفير الأزمات وبنتائج إيجابية ترضي الجميع.
يرى الباحث أحمد الياسري، أن التداخل الحاصل في ملف الأولويات وهندسة النفوذ والحضور الاستراتيجي بالمنطقة في ظل تغير الاستراتيجيات الأميركية العسكرية بعهد الرئيس جو بايدن، تجعل العراق الحلقة الأقرب لكل الأطراف، الأمر الذي يمنحه فرصة العودة إلى دوره الإقليمي الغائب بفعل الاضطرابات الداخلية وغياب الرؤية المحورية.
انطلاقاً من ذلك، يذهب الباحث أحمد الياسري، إلى القول إن نجاح حكومة الكاظمي بتجربة إحياء الشراكة الاقتصادية مع مصر والأردن، مؤخرا، دفعها لزيادة رقعة الطموح واللعب بمساحة الشراكة الإقليمية والدولية والخروج من دائرة إنصاف الحلول إلى مساحة الحلول.
ويرى الياسري أن ذلك يدفع للحفاظ على استحقاقات الدعم الدولي، لأن العراق يشعر أنه كان الجبهة المتقدمة في محاربة الإرهاب، ولأن ذلك يصب في دعم استقرار دول المنطقة والعالم، وعليه فإن كل هذه الفرضيات تحضر في مشهد القمة المرتقب.