يعيش الطالب في لبنان، لا سيما الجامعي، حالة من القلق خوفا من فقدان العام الدراسي المقبل، في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها البلد والحديث عن تأخير في العودة للتعليم في شتى المراحل، هذا إذا لم تتطور الأمور نحو الأسوأ وفقد البلد واحدا من أبرز قطاعاته الحيوية.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، كشف عثمان زكريا، وهو طالب هندسة صناعية في السنة الثانية، عن معاناته ومخاوفه التي ارتسمت واضحة على تعابير وجهه.
وقال زكريا: "يلازمني الشعور أنني لا أقوم باللازم، بمعنى آخر ربما أنا في طريق خطأ. يؤلمني الشعور بالضياع وعدم الإنتاج وأفكر جديا بالسفر حيث لم أعد قادرا على البقاء في لبنان. الوقت يداهمنا ومصير العام الجامعي مجهول يرافقه الخوف من الوضع الأمني غير المستقر وعدم توفر المواصلات وخدمات الإنترنت".
كما تحدثت مايا حافظ طالبة السنة الثانية من العلاج الطبيعي، عن المخاوف ذاتها تقريبا.
وأوضحت لموقع "سكاي نيوز عربية": "لديّ شعور الخوف من ترك الجامعة بصورة مفاجئة. أمي بعيدة عني وأنا في لبنان من أجل الدراسة. أخشى من الآتي المجهول ويلازمني الشعور بالضغط منذ العام الماضي، والآن صار أكبر إضافة إلى القلق وعدم النوم. باختصار: حالة من الضياع".
مخاوف مشروعة
ورأى عميد كليات اللغات والترجمة سابقا في جامعة القديس يوسف البروفيسور هنري عويس، أن القلق والخوف من المجهول لدى الشباب اللبناني في سن الدراسة "حالة مشروعة وواقعية، أصيبوا بها نتيجة الأوضاع القائمة".
وقال عويس لموقع "سكاي نيوز عربية": "البلد يعيش حاليا حالة انقطاع رجاء. علينا أن نخرج من كل ما هو مجرد لنرتبط بالواقع. التعلم عن بُعد يمكن أن يكون الحل المثالي، لكن إذا كنا في بلاد متحضرة ولا نضيع الحصص في مشاكل تقنية".
وتساءل: "ماذا يبقى من التعلم؟ الحضور بات من الأمور الصعبة لا سيما أمام مشكلة المازوت والكهرباء"، وتوقف عويس عند "الهجرة" كحل، لكن "من المؤسف أنها باتت وكأنها لفئة معينة من الميسورين".
رأي علم النفس
وتعليقا على هذا الوضع القاتم، قالت الأستاذة في الجامعة اللبنانية المحللة النفسية رندا شاليطا، إن "الضياع بدأ مع غياب التفاعل من خلال التعلم عن بُعد، حيث إن الطلاب لم يتعرفوا شخصيا على أساتذتهم. من الصعب في هذه الفترة العمرية الشعور وكأن بساط الأمان سُحب من تحت قدمي الطالب، خصوصا أن الأهل في لبنان لم يعد باستطاعتهم مد الأبناء بالأمان".
وتابعت شاليطا في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "من المؤكد أن الشباب يخافون على مستقبلهم في عمر المراهقة، ونحن في الشرق لا تنتهي المراهقة لدينا قبل عمر 27 سنة، مما يزيد الضياع مع دخول الجامعة".
وأردفت: "نحن بنفق مظلم يحطم أحلام شباب لبنان، الذين هم بحاجة للحماية والرعاية والشعور بالأمان، وهذا بات صعبا في ظل عدم الإحساس بوجود الدولة. الشباب بحالة ضبابية مظلمة لا مثيل لها والضياع الداخلي يشبه الوقوف على حافة خطيرة".
وختمت الأكاديمية اللبنانية: "يشعر الشباب في بلدنا بتحطم أحلامهم، في مرحلة هم بالأصل يشعرون خلالها بملل، لأنها مرحلة تحولات".