ارتفع عدد الحرائق في تونس، خلال الأيام الأخيرة، إلى 155 حريقا، مما أسفر عن خسائر مادية كبيرة، في وقت لم تستبعد السلطات أن تكون الحرائق بفعل فاعل.
وكانت إحصاءات سابقة في تونس تتحدث عن وقوع عشرات الحرائق، متباينة في الشدة.
واندلعت الحرائق في مرتفعات تونس وغاباتها في شمال البلاد ووسطها، مما أدى إلى تدمير حظائر إيواء المواشي وحفظ العلف وبيوت النحل ومئات الأشجار.
وتسللت النيران إلى بعض منازل السكان في أرياف محافظات بنزرت وجندوبة والكاف، مما أدى وقوع انفجارات بسبب وجود قوارير الغاز المنزلي، مما زاد من قوة النيران وأجبر عددا من السكان على إخلاء منازلهم.
ولحسن الحظ، لم تسفر الحرائق عن سقوط ضحايا.
وتوقع خبراء أن تنحسر الحرائق مع انخفاض درجات الحرارة، الجمعة، إذ من المرجح أن يصاحب ذلك سقوط أمطار.
وقال الناطق باسم الحماية المدنية، معز بو تريعة، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن وحدات الحماية المدنية مازالت تواصل إطفاء الحرائق في غابات محافظتي جندوبة وبنزرت بعد نجاحها في السيطرة على 80 بالمئة من النيران المشتعلة.
وأضاف بو تريعة أن النيران امتدت على ما يزيد عن 150 هكتارا من الغابات.
وأردف أنه جرى إخماد النيران في 9 حرائق من إجمالي 12 اندلعت في غابات عين دراهم وحمام بورقيبة وغار الملح وعين سمام والطويرف في ولاية جندوبة، في أقصى شمال غرب تونس بمحاذاة الحدود مع الجزائر.
"حرائق متعمدة"
وأضاف أن التحقيقات جارية للكشف عن أسباب هذه الحرائق، مشيرا إلى أنه غير مستبعد أن تكون الحرائق مفتعلة نظرا لتوقيت اندلاعها وللمناطق التي اندلعت فيها وتقاربها زمنيا وحدوثها في توقيت متأخر من الليل.
من جانبه، أكد رئيس مصلحة حماية الغابات في تونس، زهير بن سالم، أن معظم الحرائق التي شبت في تونس، أخيرا، كانت بفعل فاعل.
وأكد بن سالم في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية التونسية أن الحرائق العفوية لم تتجاوز نسبتها 4 في المئة، في الفترة الواقعة بين أواخر يوليو ومطلع أغسطس.
وقال إنه بين 23 يوليو و9 أغسطس اندلع 214 حريقا طالت أكثر من 300 هكتار.
درجة حرارة مرتفعة
وبخصوص تزامنها مع موجة الحرارة التي تشهد تونس، قال بو تريعة إن الحرارة تساهم في انتشار الحرائق، لأن المناطق الغابية تكون أكثر قابلية للاشتعال و إنتشار النيران كلما ارتفعت الحرارة.
ونفى بو تريعة أن تكون النيران المندلعة في الغابات الجزائرية قد امتدت إلى الغابات في تونس.
وتشهد تونس منذ يومين موجة حرارة غير مسبوقة، ويقول المعهد الوطني للرصد الجوي إن تونس احتلت الثلاثاء الصدارة في إفريقيا في ترتيب المدن الأشد حرارة، مسجلة درجات لم تصل إليها منذ عام 1999.
وتجاوزت الحرارة في تونس 48 درجة.
وأوضح المهندس بمعهد الرصد الجوي محرز الغنوشي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تيارات هوائية صحراوية كبرى تسببت في ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي.
ولفت إلى احتمال تعرض تونس إلى تغيرات جوية متطرفة مثل كل البلدان المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، بسبب الاحتباس الحراري الذي يعاني منه العالم بسبب إرتفاع الغازات.
وتوقع أن الارتفاع في الحرارة يجعل من إمكانية نشوب الحرائق كبيرة جدا مرجحا.
تفسير الحرائق
ومن جهته، قال الأستاذ في علم المناخ زهير الحلاوي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ما تعيشه تونس مناخيا هو موجة حر شديدة واستثنائية تتوافق مع درجات الحرارة المعتاد خلال أغسطس في منطقة حوض المتوسط، التي تتميز بتذبذب الخاصيات المناخية بين نزول الأمطار و هبوب رياح و تسجيل درجات حرارة مرتفعة.
وأضاف أنه يمكن تفسير الأمر أيضا بتأثر البلاد الاحتباس الحراري الذي ينعكس على ارتفاع درجات الحرارة طيلة العام و على تسجيل الدرجات القصوى لموجات الحر.
أما بخصوص اندلاع الحرائق، فيرى الحلاوي أن هناك سببين وراء الأمر، فبعض الغابات يعتبر احتراقها ظاهرة طبيعية لتتجدد خاصة إذا كان الغطاء النباتي فيها جاف.
أما الجانب البشري فقد يكون عفوي بسبب الإهمال أو قصدي بهدف الحد من امتداد المزروعات من أجل المضاربة العقارية أو سعي بعض النافذين للسيطرة على أراضي الغابات من أجل توسيع البنايات، بحسب الحلاوي.