تواصل الجزائر تكثيف حملات تطعيم مواطنيها ضد فيروس كورونا وفق مخطط مرسوم، في مسعى من السلطات إلى بلوغ المناعة الجماعية شهر أكتوبر المقبل، وهو الهدف الذي يمكن الوصول إليه حسب أخصائيين، نظرا لحملات التوعية المتواصلة وإقبال المواطنين على مراكز التطعيم.
وفي تصريح لافت لمسؤول صحي، أكد المدير العام لمعهد باستور وعضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد تفشي وباء كورونا في الجزائر، فوزي درار، أن "البلاد تبذل جهودا مكثفة لتسريع وتيرة التطعيم قصد بلوغ المناعة الجماعية التي تتحقق بتلقيح 20 مليون شخص على الأقل في الجزائر".
وتراهن السلطات الصحية على رفع وتيرة استقبال التلقيحات، في حين أن آخر أجل لتلقي 15 مليون جرعة سيكون شهر سبتمبر المقبل، حسب المسؤول ذاته.
ووفق مدير معهد "باستور" ستتمكن الجزائر من تطعيم 10 ملايين مواطن بداية سبتمبر، على أن تبلغ أواخر شهر أكتوبر المقبل 20 مليون ملقح ضد فيروس كورونا بالجزائر وبالتالي تحقيق المناعة الجماعية.
التطعيم لـ"فرملة" انتشار الفيروس
وضعت الجزائر إمكانيات مادية من أجل كبح انتشار فيروس كورونا خاصة مع ظهور السلالات المتحورة الخطيرة على غرار سلالة "دلتا" الشهر الماضي، حيث خصصت الدولة مبلغا جديدا يفوق 25 مليار دينار جزائري (184 مليون دولار) لاقتناء اللقاح المضاد لكوفيد19.
في غضون، ذلك أعلن الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن أنه "سيتم اقتناء 9 ملايين و200 ألف جرعة لقاح في شهر أغسطس، إلى جانب 5 ملايين جرعة ستصل في شهر سبتمبر".
وأشار المسؤول ذاته إلى أنه "ابتداء من منتصف سبتمبر المقبل، ستنطلق وحدة إنتاج اللقاح في مدينة قسنطينة بقدرة إنتاج 2، 5 مليون جرعة".
ويرى الطبيب المنسق بالقطاع الصحي في القصبة، بالجزائر العاصمة، لخضر أمقران أن "الجزائر بإمكانها الوصول إلى هذا العدد من الأشخاص المُطعمين في هذه الفترة الزمنية المذكورة، نظرا لتوفر الإمكانيات من جرعات اللقاح والطواقم الطبية والتمسك بالتنظيم المعمول به".
وأكد الدكتور لخضر أمقران في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "الوتيرة الحالية للتطعيم عبر 240 ألف مواطن مُطعم يوميا تؤدي إلى هذا العدد الذي تبحث عنه السلطات مع الخريف المقبل، خاصة مع هذه الحملة المكثفة من خلال فتح الأماكن العامة أمام المواطنين لأخذ جرعة اللقاح".
وحسب العديد من الأطباء، فإن التجاوب مع التطعيم عرف تزايدا منذ شهر يوليو الماضي، مقارنة بالأشهر الأولى من بداية العملية، وذلك بفضل تكثيف حملات التوعية وتوفر اللقاح بكميات كبيرة، واقتناع المواطنين بأن اللقاح يبقى الحل العلمي لكسر سلسلة انتشار هذا الفيروس المميت.
وفي السياق ذاته، أكد المكلف بالخلية الوطنية لمتابعة كورونا بوزارة الصحة، يوسف العيد، أن الوزارة تلقت "تقارير إيجابية" بخصوص إقبال المواطنين على التطعيم، مشيرا إلى ارتفاع نسبة المقبلين على عملية التلقيح.
و دعا الطبيب لخضر أمقران إلى التوجه بدقة نحو هذا المخطط لبلوغ 20 مليون شخص مطعم "حتى يتم استقبال فصل الخريف في أحسن الظروف، لأن هذا الفصل يعرف بدوره ظهور فيروسات تنفسية أخرى".
توقيت المناعة الجماعية
يفسر خبراء في علم الأوبئة أن المناعة الجماعية من أشكال الحماية غير المباشرة من مرض معد، وتأتي عندما تكتسب نسبةٌ كبيرة من المجتمع مناعةً لعدوى معينة عن طريقين؛ إما بسبب الإصابة بها سابقا أو التطعيم، مما يُوفر حمايةً للأفراد الذين ليست لديهم مناعةٌ للمرض.
وفسر الباحث في علم الفيروسات، والبيولوجي السابق في مخابر التحليلات الطبية، الدكتور محمد ملهاق في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية" السياسات الوقائية بأنها "تلك التي تبنى على استراتيجية تسطيح المنحنى البياني وهي عن طريق الحجر الصحي، والتطعيم والهدف بلوغ 70 في المئة من السكان المطعمين".
وحسب تقديرات الباحث محمد ملهاق فإن "بلوغ المناعة الجماعية يتطلب تطعيم نسبة 70 في المئة من المواطنين"، وتوقع البيولوجي السابق في مخابر التحليلات الطبية ذاته أن الجزائر ستصل إلى المناعة الجماعية قبل نهاية السنة الحالية على أقصى تقدير.