أتت من الفرع السوري، أحدث ردود الفعل الإخوانية على الانتفاضة الشعبية التونسية ضد حركة النهضة الإخوانية، والتي تكللت مع القرارات الاستثنائية لرئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد وفق صلاحياته الدستورية، بإقالة الحكومة وحل البرلمان، على خلفية سياسات "النهضة" الرامية لفرض أجنداتها الظلامية، ومشروعاتها الفاشلة.
ويرى مراقبون للمشهد في تونس، أن ارتدادات هذا الزلزال التونسي الذي أطاح بسلطة الإخوان الاستبدادية، على غرار ما تم في مصر والسودان، ستطال مختلف الحركات الإخوانية في عموم المنطقة العربية، وخصوصا في بلدان المشرق العربي، بحيث ستسهم في إضعاف تلك الحركات الإرهابية أكثر مما هي ضعيفة، وتحول دون تمددها في الدول العربية، لفرض نموذج حكمها الأحادي، بدعم مكشوف ومنظم من تركيا، ورئيسها رجب طيب أردوغان.
ولعل من أبرز الدول التي حاولت جماعة الإخوان وضع اليد عليها هي سوريا، ما يفسر البيان الغاضب والمتشنج الصادر عن تنظيم الإخوان السوري، المتضامن مع النهضة بتونس، والذي كعادة اللغو الإخواني، كرر الحديث عن "المؤامرة الدولية" عبر "انقلاب دولي" تم في تونس هذه المرة بحسب البيان.
وتعليقا على ذلك، قال الكاتب والباحث جمال آريز، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "من غير تنظيمات الإخوان الإرهابية، ومن على شاكلتها من مجموعات الإسلام السياسي المتطرفة، سيتضامن مع حركة النهضة التي انتفض عليها الشعب التونسي، بعد إيغالها في تدمير تونس وتحويل حياة التونسيين لجحيم لا يطاق، مع تراكم الفشل والحصاد الكارثي لسنوات من تسلط الإخوان وسياساتهم الكارثية".
وأضاف آريز: "للمرة الألف تثبت الحركات الإخوانية عجزها وفشلها في إدارة الدولة والحكم، كونها حركات إقصائية تعمل على قولبة المجتمع، وفرض لون واحد عليه، وتعميم سياسات ومنهجيات متطرفة غير متسقة، مع العصر ومع الديمقراطية والتعددية وقبول الآخر".
وتابع قائلا: "يتحمل الإخوان القسط الأكبر، ومن يدور في فلكهم من حركات متطرفة، مسؤولية ما حلّ بسوريا من حرب ودمار وانهيار على مدى العقد الماضي، وأياديهم ملطخة بدم السوريين على اختلاف مكوناتهم، في سياق سعيهم الفاشل للسيطرة على سوريا وتطبيق نظامهم الظلامي فيها".
أما الأستاذ الجامعي عدالت عبد الله، فقال في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "ما جرى في تونس سيؤثر دون شك على مستقبل الحركات الإخوانية في الشرق الأوسط، وتجارب حكم هذه التيارات في مصر وتونس والسودان وغيرها، أثبتت عجزها في إدارة الدولة والحكم، حيث الهوة الواسعة بين ما تتطلع له الشعوب العربية في تلك البلدان، وما مارسته سلطات التيارات الإخوانية".
وبيّن عبد الله أنه: "يحب احترام إرادة وقرار الشعب التونسي والرئاسة والمؤسسات التونسية، وينبغي معالجة الأزمات المتراكمة التي يعانيها التونسيون، وعلى رأسها الفساد وسوء إدارة الدولة، وعدم تلبية متطلبات واحتياجات المواطنين، والسعي للعيش بكرامة وأمان وحرية".
وأردف: "ولى زمن التقسيمات الإيديولوجية الساذجة التي ترتكز إليها المنظومات السلطوية الإخوانية، فنحن نعيش في عصر يمكن تسميته عصر الذكاء السياسي، ولا محل للطغيان الإيديولوجي فيه من الإعراب، فأي شطط سلطوي مؤدلج وأحادي في ممارسة السلطة والسياسة لا أفق له، ذلك أن طابع مجتمعات منطقتنا فسيفسائي وتعددي، لا يمكن قمعه وطمسه، وفق خطابات وسرديات إيديولوجية متخشبة".
ومضى الأستاذ الجامعي إلى القول: "لا ننسى أن ثمة تراثا سياسيا براغماتيا وعلمانيا في تونس، يقاوم أي منطق إيديولوجي مخالف لهذا التقليد التونسي العريق، والانفتاح السياسي والثقافي والاجتماعي في البلد".
واختتم حديثه قائلا: "تجربة تركيا الأردوغانية التي كانت تتفاخر بها التيارات الإخوانية في المنطقة العربية، وتستقوي بها هي أيضا مأزومة وفي وضع لا تحسد عليه، وهي ستتأثر سلبا ولا ريب بهذه الضربة القاصمة لحليف حزب العدالة والتنمية التركي، في تونس، حركة النهضة، ما سيعمق من أزمات النظام التركي، في ظل ممارسات أردوغان الاستبدادية في الداخل، والعدوانية في الخارج".