تتوالى حوادث اندلاع الحرائق في مختلف المناطق العراقية خلال الفترة الماضية، خاصة بعد فاجعة حريق مستشفى الناصرية الخاص بمرضى فيروس كورونا المستجد، والذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى.
فمن اندلاع حريق في مطار المثنى إلى إحباط محاولة إضرام النار في أحد المستشفيات في النجف، إلى احتراق فندق في مدينة كربلاء، وهكذا دواليك تتكرر هذه الحوادث المثيرة لعلامات الاستفهام، والتي تشير في كل الأحوال لوجود خلل بنيوي في منظومات الحماية والوقاية بمختلف المرافق العامة في البلاد.
ليس هذا فحسب، بل يذهب مراقبون إلى الحديث عن وجود "أياد" تقف خلف تلك الحرائق المتمادية، خاصة حريق مستشفى الناصرية، الذي رأى البعض أنه ربما كان بفعل فاعل لإحراج حكومة مصطفى الكاظمي، وإثارة النقمة والبلبلة والفوضى في البلاد، مع بدء العد العكسي للانتخابات العامة العراقية.
وعن السبب في تكرار هذه الحرائق، يقول المهندس المعماري، سيروان جمال، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "تكرار هذه الحرائق بعيدا عن نظريات المؤامرة، هو أساسا بفعل تهالك البنى التحتية والخدمية في العراق، التي تعود في معظمها على الأقل لنصف قرن وأكثر".
ويتابع: "تم استهلاكها لسنوات وسنوات ولا تخضع للصيانة الكافية ولا يتم الالتزام بمعايير السلامة والجودة. لقد تحولت إلى مبان مهترئة آيلة للسقوط في أي لحظة، وأشبه بقنابل موقوتة".
ويضيف: "المستشفيات مثلا كلها قديمة وتعاني مبانيها من التآكل، وهي بحاجة ملحة للترميم والتجديد وإعادة التأهيل، فمثلا تمديدات الكهرباء والماء والصرف الصحي داخلها تكاد تكون منتهية الصلاحية، مما يجعلها دوما عرضة للتسبب بحوادث وكوارث كما نشاهد مع الأسف، فضلا عن أن تخطيطها الهندسي ما عاد يتوافق مع التطور في هندسة المرافق والمؤسسات الصحية والطبية العصرية حول العالم".
وينوه جمال إلى أنه "لا توجد منظومات مكافحة الحرائق في معظم المستشفيات العراقية، وإن وجدت فهي في الغالب تكون معطلة أو غير مفعلة، فمن الطبيعي أن نشهد هكذا تصاعد في الحرائق الناجمة، عن سوء الإدارة والإهمال والتسيب وغياب المحاسبة والرقابة".
من جانبه، يقول مصدر صحفي مقرب من الحكومة، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "في تصوري فإن الأمر يتعدى تآكل البنى التحتية وتخلفها وضعف الرقابة الحكومية، نحو وجود مخطط لتوسيع دائرة النار العراقية".
ويستطرد: "فمثلا خلال الأيام والأسابيع الماضية، رأينا كيف أن ثمة سلسلة عمليات استهداف وتخريب مبرمجة لأبراج ونواقل الطاقة الكهربائية في مختلف المحافظات العراقية، فيما بدا عملا تخريبيا منظما، وله هدف واضح هو تعميق أزمة الكهرباء العراقية أكثر فأكثر".
ويردف: "وهكذا هو الحال الآن مع مسلسل الحرائق المتنقل هذا، فمن فاجعة مستشفى ابن الخطيب في بغداد قبل أشهر قليلة، إلى كارثة مستشفى الحسين في مدينة الناصرية وغيرهما العديد من الحوادث المشابهة.. تبدو تماما أنها مفتعلة وتهدف لإحراق العراق ككل في المحصلة، فمثلا محاولة إحراق مستشفى الفرات بالنجف، التي أقر الفتى المتهم بفعلها بأن ثمة من طلب منه حرق المستشفى، مما يكشف أن هذه الحوادث المتتالية ليست محض صدفة، وإنما تندرج تحت مخطط تخريبي وتدميري واسع للعراق".