اصطدم الليبيون بأول العراقيل في مسار توحيد المؤسسة العسكرية، والمتمثل بـ"التوافق على اختيار وزير الدفاع"، حيث ظلت تلك الحقيبة منذ مارس الماضي، في عهدة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
وإزاء الخلاف الذي سببته دعوة اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" إلى تسمية وزير دفاع جديد، برزت عدة سيناريوهات لمسار الأزمة والبدائل المطروحة حال وصول التوافق بين الحكومة والمجلس الرئاسي إلى طريق مسدود في هذا الشأن.
وتبادل الدبيبة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي خطابات بشأن اجتماع الأحد، حيث وجه المنفي خطابا للدبيبة للحضور والتشاور من أجل تسمية وزير الدفاع، لكن الدبيبة رد بخطاب آخر لم يعلن فيه موافقته أو رفضه لحضور الاجتماع.
ويرى الكاتب الصحفي الليبي أحمد سالم أن أول سيناريوهات الأزمة يقضى بتعيين وزير الدفاع ورئيس الأركان في آن واحد، على أن يمثل كل منهما أحد أطراف الأزمة (المجلس الرئاسي والحكومة)، ويكونا مقبولين لكل منهما.
أضاف سالم في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن السيناريو الثاني هو اختيار وزير الدفاع ورئيس الأركان من الضباط أعضاء لجنة "5+5".
ويتمحور السيناريو الثالث حسب الكاتب الليبي حول دمج وزير الدفاع والقائد العام في منصب واحد، وإلى جواره رئيس أركان له تخصص فني مهني داخل المؤسسة العسكرية، ويرأس الأفرع والأسلحة المختلفة، ويكون رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للجيش.
تطور الأزمة
وطلب المجلس الرئاسي من الدبيبة، حضور اجتماع الأحد المقبل، للتشاور بشأن تسمية وزير للدفاع، بحسب خطاب موجه إليه، ولوّح "الرئاسي" بأنه في حال عدم حضور الدبيبة، سيتخذ قرارا بتسمية الوزير، وإحالته لمجلس النواب للتصويت عليه.
وفي المقابل رفض الدبيبة الدعوة التي وجهها له المجلس الرئاسي لحضور اجتماع الأحد، وذكّر بمخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي بشأن اختصاصات رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تسمية الوزراء والوكلاء ودور المجلس الرئاسي في ذلك.
وقالت مصادر ليبية لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الدبيبة لم يرفض دعوة ''الرئاسي'' بشكل واضح في خطابه.
وأضافت المصادر أن خطاب الدبيبة إلى المنفي تركز على المادة الثانية من الباب الخاص بالسلطة التنفيذية الموحدة المنبثق عن ملتقى الحوار، والتي تنص على أنه "خلال مشاورات تشكيل الحكومة يُسمي رئيس الحكومة وزيري الدفاع والخارجية مع وجوب التشاور مع المجلس الرئاسي مجتمعا، على أن يلتزم رئيس الحكومة بإحالة التشكيلة الوزارية كاملة إلى مجلس النواب".
وكانت اللجنة العسكرية طلبت من مجلس النواب قبل أيام تعيين وزير للدفاع، وعدم صرف ميزانية الدفاع لحين تسمية وزير الدفاع وإقرار مجلس النواب له.
من يستفيد من الخلاف؟
ورجح المحلل السياسي الليبي الهادي عبد الكريم ألا يسمح التوقيت الحرج حاليا بتسمية وزير للدفاع، موضحا أن الخلافات التي طفت على السطح حول هذا الأمر، تعزز موقف أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، الرافضين لانتخاب الرئيس بطريقة القائمة.
واقترحت اللجنة الاستشارية للملتقى عقد انتخابات الرئاسة عبر نظام القوائم، أي تضم كل قائمة 3 مرشحين لمناصب "الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة".
ولفت عبد الكريم إلى أن الربط بين اختيار وزير الدفاع واعتماد الميزانية، سيؤول في النهاية إلى عدم تخصيص أي مستحقات للمؤسسة العسكرية، ومن الصعب تحقيق التوافق حاليا حول الشخص الذي يقود جميع التشكيلات العسكرية في شرق وغرب البلاد.
جدل في السلطة
ويرى الخبير الاستراتيجي العميد محمد الرجباني أن هذا الملف آثار موجة من الجدل في دوائر السلطة بالبلاد، لكنه في نفس الوقت يمثل تحديا فيما يتعلق باختصاصات كل جهة سواء المجلس الرئاسي أو حكومة الوحدة.
ويتفق الرجباني مع الرأي الذي يذهب إلى كون اختيار وزير الدفاع ضمن صلاحيات "الرئاسي"، المختص أيضا بتمثيل الدولة خارجيا، وقد يلجأ بالفعل إلى تسمية وزيرا للدفاع خلال اجتماعه المرتقب الأحد، دون العودة إلى رئيس الحكومة، ويرسل الاسم إلى مجلس النواب من أجل اعتماده.
وكان رئيس الحكومة الليبية أرجأ في السابق تسمية وزيري الدفاع والخارجية في حكومته استنادا لما وصفه بـ"ضغوط دولية"، موضحا خلال جلسة منح الثقة لحكومته أن ما جعل وزارة الدفاع والخارجية شاغرتين، هو عدم التوافق الداخلي على شخصية معينة.
وكشفت مصادر مطلعة لموقع "سكاي نيوز عربية" أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية شرعت في تجهيز قائمة المرشحين لشغل مناصب وزير الدفاع ووكلائه.