كشفت مصادر مصرية مطلعة، أن عددا من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي غادروا تركيا خلال الأسبوع الماضي إلى دول أوروبية، فيما يستعد أخرون لمغادرة البلاد خلال أيام وذلك بعد إبلاغهم من جانب قيادات في التنظيم الدولي نية السلطات التركية تسليمهم للقاهرة في إطار السعي لإحياء ملف المفاوضات المتوقف بين البلدين.
وأوضحت المصادر لـ"سكاي نيوز عربية" أن ثلاثة من عناصر التنظيم المطلوبين لدى القاهرة غادروا إلى هولندا خلال الأسبوع الماضي، فيما يبحث العشرات عن وسيلة للسفر إلى أوروبا أو كندا، لكنهم يواجهون صعوبات بسبب عدم توافر أوراق رسمية لديهم، خاصة أن معظمهم قد غادر مصر قبل سنوات بطرق غير شرعية ولا يحمل أوراقًا ثبوتية.
وأشارت المصادر إلى أن السلطات التركية بدأت بالفعل مراجعة الأسماء المطلوبة لدى القضاء المصري والتي سبق وقدمت بها مصر عدة نشرات لدى الإنتربول الدولي، مرجحة ألا تقدم تركيا على تسليم القيادات البارزين، من مجموعة الصف الأول في التنظيم بسبب التفاهمات مع التنظيم الدولي، لكنها ستقدم عناصر أخرى للقاهرة، كما سبق وقدمت محمد عبد الحفيظ المتهم في قضية اغتيال النائب العام هشام بركات.
وأكدت المصادر أن حالة من الرعب تسيطر على عناصر التنظيم المتواجدين على الأراضي التركية في الوقت الحالي، خشية توقيفهم وتسليمهم للقاهرة، مشيرة إلى أن عدد الإخوان في تركيا قد تجاوز 20 ألفا.
ولفتت المصادر إلى أن مجموعات حاولت التواصل مع قيادات التنظيم لبحث المساعدة في الخروج من تركيا، لكن دون جدوى، وهو ما دفعهم للقاء الحليف الأقوى للتنظيم، أيمن نور، الذي نصحهم بمغادرة البلاد بأقصى سرعة مرشحا التوجه إلى ماليزيا، لكن الشباب رفضوا ذلك خشية تسليمهم أيضاً وطلبوا المساعدة في الحصول على أي أوراق ثبوتية للتوجه إلى دول أوروبية.
ويرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي عمرو فاروق أن كندا تعد وجهة مثالية لعناصر تنظيم الإخوان الهاربين من تركيا، بسبب وصول عناصر من التنظيم الدولي إلى مناصب نافذة في الحكومة الكندية وأبرزهم وزير النقل، سوري الجنسية، عُمر الغبرة والذي كان يشغل منصب نائب وزير الخارجية سابقاً وسهل عملية دخول عناصر التنظيم إلى البلاد ومنحهم حق اللجوء السياسي.
ومن أبرز القيادات الهاربة من تركيا إلى كندا خلال الفترة الماضية، يحيى موسى وعمرو السماحي مؤسسا حركة حسم ولواء الثورة، المدرجتين على قوائم الإرهاب الأميركية.
ويقول فاروق في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" إن إيران أيضا تمثل ملاذا آمنا لعناصر التنظيم في الوقت الحالي، فضلا عن عدة دول أوروبية مثل هولندا وبريطانيا.
ويؤكد الباحث المصري أن تركيا هي من بادرت بطرح تسليم قيادات التنظيم الإرهابي للقاهرة، لأنهم باتوا ورقة غير رابحة لدى أنقرة، مشيرا إلى أن الملفات الأهم بالنسبة للقاهرة هي ملف الغاز في شرق المتوسط، والتدخلات التركية في ليبيا.
ويقول "فاروق" إن تركيا استضافت قيادات الإخوان ومنحت بعضهم الجنسية ضمن الدور الوظيفي الذي يمارسه كلا منهما نحو الآخر، لكن متطلبات الوضع السياسي الراهن تفرض واقعا جديدا ومعادلة ذات أطراف مختلفة، مشيرا إلى أن الإخوان صدموا بالتقارب التركي مع مصر وكانوا يأملون في فشل التفاهمات لأنها لا تتوافق مع مصالحهم أو ألا تضعهم أنقرة ضمن ورقة تفاوضية في الحديث مع القاهرة، وهو ما يثبت تخلي الجانب التركي عن أي دعم لهم مستقبلا.
وتحاول تركيا استخدام الجماعة كأحد أوراق التفاوض لإحياء المباحثات مع مصر التي تعثرت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية.
وأبلغت الحكومة التركية، مساء الجمعة، مجموعة من عناصر تنظيم الإخوان، المقيمين على أراضيها منذ عام 2014، بوقف نشر أي مواد سياسية عبر منصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وحذرتهم من استمرار كتابة أي مواد تحريضية ضد مصر، قائلة إن مخالفة هذه القرارات تعرض صاحبها للمعاقبة القانونية.
وقالت الإخوانية الهاربة غادة نجيب إن "السلطات التركية أبلغت زوجها بمنعها من الكتابة أو التدوين على كافة مواقع التواصل الاجتماعي".
وقبلها بساعات، أعلن الإعلامي الإخواني حمزة زوبع أنه "سيغيب عن الشاشة نهائيا" بعد قرار بوقف برنامجه، ليلحق بمحمد ناصر ومعتز مطر اللذين أعلنا كذلك وقف برنامجهما في مايو الماضي.
ويتصل القرار مع خطة شاملة للحكومة التركية لوأد فتنة الإعلام الإخواني الذي يستهدف القاهرة من أراضيها، ويقف كأحد أهم أسباب الخلاف بين البلدين، فيما أوقفت تركيا وبشكل نهائي خلال الأسبوع الماضي كافة البرامج السياسية للإعلاميين المنتمين للتنظيم.
وبالرغم من القرارات التركية المتلاحقة ضد التنظيم، بوقف عدد من إعلاميه وتحديد إقامة عناصر تنظيمية، وتعمد تسريب سيل من المعلومات حول نية أنقرة تسليم المطلوبين للعدالة إلى مصر من المتورطين في أعمال إرهابية وصدرت بحقهم أحكام قضائية وإسقاط الجنسية التركية عن قيادات الإخوان ودفعهم لمغادرة البلاد إلى أوروبا وأميركا، إلا أن قراءة القاهرة لما يحدث تبدو مختلفة عما ترغب تركيا في إثباته.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد عبر عن ذلك، مؤكداً توقف المفاوضات مع تركيا، ونفى شكري إرسال بلاده لأي وفد دبلوماسي إلى تركيا لاستئناف المفاوضات، مكتفياً بالقول إن "القائم بالإعمال" لكِلا البلدين لدى الطرف الآخر قادر على إيصال الرسائل والآراء المتبادلة.
واعتبر وزير الخارجية المصري بصورة غير مباشرة، أن خطوات تركيا ضد الإخوان غير كافية، وقال في تصريحات إعلامية: "نتوقع أن تصاغ العلاقات المصرية التركية على أساس المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية المستقرة، بما في ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحسن الجوار، وعدم السماح بأي نشاط على أراضي الدولة في إطار زعزعة استقرار دولة أخرى."