تتخذ مصر خلال الأسابيع الماضية إجراءات وقائية صارمة للحد من دخول "سلالة دلتا المتحورة" للبلاد لقدرتها الفائقة على الانتشار.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن متغيّر دلتا هو الأكثر قدرة على الانتقال من بين متغيرات فيروس كورونا التي تم تحديدها حتى الآن، وهو موجود في 85 دولة على الأقل، وينتشر بسرعة بين الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم.
في مأمن
ويقول الدكتور أمجد الحداد استشاري الحساسية والمناعة إنّ: "كل العينات التي تم أخذها خلال الفترة الماضية تؤكد عدم وجود الفيروس في مصر، ويتم اتخاذ إجراءات من شأنها عدم دخول الفيروس، وحتى الآن جميع البيانات الرسمية تشير إلى عدم وجوده".
وتابع استشاري الأوبئة بمنظمة الصحة العالمية في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "سلالة دلتا المتحورة لها قدرة فائقة على الانتشار، فكلما زادت التحوّرات للفيروس كلما كان النوع الجديد صاحب قدرة كبيرة على الانتشار فقط، وخلال الفترة الأخيرة يتم أيضًا البحث والدراسة حول مدى قوته بجانب انتشاره".
أمر متوقع
وكانت الدكتورة نهى عاصم مستشار وزيرة الصحة لشؤون الأبحاث وعضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، قد أكدت أن وزارة الصحة عقدت لجنة علمية مصرية بريطانية لمناقشة التحورات الجديدة للفيروس، مؤكدة أنّ هذه التحورات أمر متوقع، وتحدث بأعداد كبيرة، لكن ما يهم المجتمع العلمي هو التغيرات الإكلينيكية للفيروس ذاته.
وأكدت مستشار وزيرة الصحة لشؤون الأبحاث في تصريحات صحفية أنّ متحور "دلتا بلس" يصيب الفئات العمرية الأصغر سنًا "الأطفال" على عكس الفيروس الأصلي الذي كان يصيب الفئات العمرية أكثر من 18 سنة، مشيرة إلى أن الجانب البريطاني أوضح أن المصابين بالمستشفيات في الوقت الحالي هم الأصغر سنًا، وهو ما يعد تحولًا كبيرًا في طبيعة الإصابات.
وأوضحت عضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا أن وزارة الصحة تتابع بدقة كل ما يحدث من تحورات وتغييرات للفيروس عالميًا، وكيفية التعامل معها، فبعد مراجعة أعمار الحالات التي توفيت نتيجة الإصابة بـ "كورونا" منذ بداية الجائحة، والتي بلغت النسبة في الفئات العمرية الأقل من 20 عامًا 1%، وهو ما يعد مؤشرًا أنّ مصر في مأمن من تحورات كورونا.
أهمية التطعيمات
وأردف "الحداد" في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "متحور دلتا ثبت الإصابة به في 90 دولة حول العالم، بينما أصيب 9 دول حتى الآن بفيروس دلتا بلس، وسبب ذلك الانتشار هو عدم توازن وتيرة التطعيمات في الدول، ففي الوقت التي بدأت عدد من الدول في إجراءات التطعيم تأخرت دول آخرى، وهو ما سبب تلك التحورات وأزماتها الموجودة في العالم".
وأشار رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح إلى أنّ "الهند على سبيل المثال كانوا يقيمون احتفالات كبيرة في الأنهار بدون إجراءات احترازية وعدم تطعيم عدد كبير منهم، ليحدث عدد كبير من الإصابات، وكلما دخل الفيروس لشخص وحدث عدوى منه لشخص آخر وانتقلت العدوى بأشكال مختلفة، كلما حدثت التحوّرات للفيروس".
إجراءات قاسية
وأكد "الحداد" في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "هناك دولًا أوروبية كانت تفكر في تطعيم الأطفال في الأوقات التي كانت تطالب فيها منظمة الصحة العالمية عدد كبير من الدول بالتطعيم، فالتطعيم هو الأهم في الفترة الحالية لأنه يقي من أي إصابات وتحورات، فحتى الآن لم يؤثر المتحور على الشوكة البورتينية، لذلك فاللقاحات فعالة ضده".
ونوّه رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح: "من الممكن أنه في حال ظهور حالات من المتحور الجديد سيكون هناك إجراءات احترازية شديدة في مصر، ففي الفترة الأخيرة هناك قيود كبيرة على المحاور والمنافذ من الخارج للتأكد من عدم وجوده".
نظام ترصّد
ووفقًا لما أكده الدكتور محمد عبدالفتاح رئيس الإدارة المركزية لشؤون الطب الوقائي بوزارة الصحة، فإن مصر تمتلك نظام لترصّد الأوبئة على درجة كبيرة من الكفاءة، بجانب الإجراءات التي وضعها مطار القاهرة للتعامل مع القادمين لمصر من الدول خاصة التي يحدث فيها تحورات للفيروس خطيرة، وذلك في إطار حرص الوزارة على سلامة وصحة المواطنين.
خطورة فائقة
في الوقت نفسه تشير الدكتورة نهلة عبدالوهاب استشاري البكتيريا والمناعة والتغذية ورئيس قسم البكتيريا بمستشفى جامعة القاهرة إلى أنّ: "سلالة دلتا تشبه في أعراضها أعراض نزلات البرد العادية مصاحبة لها في بعض الأحيان عدم فقدان لحاسة الشم، فبجانب أنها سريعة الانتشار فإن خطورتها تزيد من 40 إلى 60 مرة".
وتابعت استشاري البكتيريا في حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية": "دلتا هو فيروس أحادي الشفرة ومن صفاته كثرة التحورات فمثلا لو قمت بطباعة ورقة ونسخها، ثم نسخ ورقة أخرى من المنسوخة وهكذا لعشرات المرات، ستكون النتيجة النهائية مختلفة تمامًا عن الأولى، فعندما يدخل الفيروس لشخص ذات مناعة ضعيفة ويتكاثر ويتحوّر".
ونوّهت "عبد الوهاب": "يصاحب الإصابة بدلتا صداع غير مبرر وألم في الجسد، بجانب أنه يصيب البنكرياس، والأخطر من ذلك أن المريض المصاب بهذه السلالة يكون عرضة للإصابة بالفطر الأسود لأنه يقوم بزيادة نسبة السكري في الدم، ولابد على أصحاب الأمراض المزمنة اللجوء للمستشفيات والأطباء المختصين بجانب اللقاحات لما لها من أثر هام في الحد من انتشاره".
قلق الصحة العالمية
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعربت عن قلقها إزاء متغيّر دلتا، وقال الدكتور تيدروس أدهانوم، مدير عام المنظمة في المؤتمر الصحفي الاعتيادي من جنيف، إنه مع قيام بعض الدول بتخفيف إجراءات الصحة العامة، والإجراءات الاجتماعية، شوهدت زيادات في انتقال العدوى حول العالم، "كما قلنا، من المتوقع وجود متغيرات جديدة، وسيستمر الإبلاغ عنها -وهذا ما تفعله الفيروسات، فهي تتحور- ولكن يمكننا منع ظهور المتغيرات من خلال منع انتقال العدوى".
وأضاف "تيدروس" أنّ "الأمر بسيط للغاية: المزيد من الانتقال يعني المزيد من المتغيرات، انتقال أقل يعني متغيرات أقل. المزيد من الحالات يعني المزيد من دخول المستشفيات، مما يزيد من إجهاد العاملين الصحيين والأنظمة الصحية مما يعني زيادة الوفيات".
روشتة الوقاية
ووجّهت رئيس قسم البكتيريا بمستشفى جامعة القاهرة في حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية" عدد من النصائح اعتبرتها روشتة الوقاية قائلة: "لابد من العزل في حال الإصابة بأي دور برد وتناول العلاج العرضي، ففي حال الشعور بارتفاع الحرارة يتم تناول مخفض لها وهكذا من أعراض، والاعتماد على شرب المياه كثيرًا والبعد عن الزيوت المهدرجة، وتناول الفواكه والخضروات الطازجة".
وتابعت "عبد الوهاب" في روشتها الوقائية: "يفضّل تناول المياه بالليمون والنعناع أو المياه ووضع بها عيدان من القرفة لقدرتهم على تخريج السموم من الجسم، فحالة الجفاف تجعل الفيروس يتشبث بالحلق أكثر فترة ممكنة، بجانب ذلك التعرض للشمس المباشرة لفترة يوميًا في الفترة قبل العاشرة صباحًا وبعد الرابعة عصرًا".