بـ"صندوق الذخيرة"، وما يُسمى بـ"الأصول التركية" لبعض الليبيين يلوح تنظيم الإخوان الإرهابي بمساعيه لإبقاء التأزم في ليبيا على حاله.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من انعقاد مؤتمر "برلين2"، الذي أوصى بطرد المرتزقة وخروج القوات الأجنبية، وتفكيك الميليشيات والاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر المقبل.
وهدد رئيس المجلس الأعلى للدولة، الموالي لتركيا وتنظيم الإخوان، خالد المشري باللجوء للقوة حال أتت الانتخابات بمن يرفضه التنظيم.
تعطيل الانتخابات بالقوة
وفي حديث له عبر تطبيق "كلوب هاوس" قال المشري صراحة إن ما سماه بـ"تيار الثورة" لن يقبل نتائج الانتخابات في حال جاءت بالقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر رئيسا للبلاد، قائلا: "سنمنع حدوث ذلك بالقوة".
ولتبرير الاستعانة بتركيا، زعم المشري إن هناك مليون ليبي من أصل 7 مليون هم من أصول عثمانية، دون أن يقدم دليلا على ذلك، لكنه اعتبر الأمر سببا في استعانة حكومة فايز السراج السابقة عام 2019، بالجيش التركي.
إدعاءات زائفة
ويرى المحلل السياسي الليبي محمد قشوط أن حديث المشري كشف زيف إدعاء التنظيم الذى ينتمي إليه بدعم الديمقراطية والترحيب بالانتخابات واحترام قرار الشعب الليبي، ما أوقع كثيرين في شباكهم، حتى صاروا أنصارا لخطابهم.
ويوضح قشوط في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن: "كلام الإخواني خالد المشري لم يعبر عن قناعته الشخصية، بل قناعة التنظيم بأكمله، الذي ينجح في كل مرة باستخدام المنخرطين في الميليشيات لصالح أجنداته و أهدافه، دون أن يطال الضرر إخوانيا واحدا".
وحذر من الصمت تجاه هذا الخطاب، وقال: "غالبية الأوساط الدولية تعلم أن الجميع يستعد للحرب التي قد تقع بدافع عرقلة إجراء الانتخابات أو لأجل الدفاع عن الشرعية وتمكين الرئيس المنتخب لأنه هناك طرف سيرفض التسليم و الاعتراف بنتائجها إن كانت على غير هواه وطموحاته".
صندوقا الذخيرة والاقتراع
وعما يمكن وصفه بـ"عقيدة الإخوان الانتخابية"، يقول المحلل الليبي: "وفق منطق وإستراتيجية تنظيم الإخوان ومن تورط في التحالف معه، إذا أوصلنا صندوق الانتخابات لسلطة فنعم بالديمقراطية والدولة المدنية".
ويتابع المحلل أنه إذا "أوصلت الانتخابات خصوم الأخوان للسلطة، فعندها ستكون الكلمة لصندوق الذخيرة والحروب وليس لصندوق الاقتراع، وأن الإخوان فعلوها سابقاً بنفس الطريقة العام 2014، عندما انتخب الشعب مجلس النواب فأدخلوا البلاد في حرب (فجر ليبيا) واحتُلت العاصمة طـرابلس، وانقسمت البلاد حتى اليوم".
و"فجر ليبيا" هى المعركة الانتقامية التي أطلقتها ميليشيات الإخوان ضد الليبيين، وتضمنت تدمير مطار طرابلس، ووقف حركة النقل والتجارة والتموين لليبيين بتعطيله، واستهداف مناطق أخرى، ردا على رفض معظم الشعب الليبي انتخاب الإخوان، وخسارة مرشحي الميليشيات في الانتخابات البرلمانية 2014.
ومن أبرز قادة هذه المعركة فتحي باشآغا وزير الداخلية في حكومة فايز السراج.
التنسيق مع النظام السابق
وفي تقدير الباحث السياسي الليبي، عبد الباري حديد، "فإن تهديد المشري يعكس قلق تنظيم الإخوان من فوز المشير خليفة حفتر، ويعتبرونه إقصاءُ لهم، وفي الوقت نفسه هم يعلمون أن الشعب الليبي لن يقبل بمرشحين معروفين أنهم تابعين لتنظيم الإخوان "فهم بهذا في معضلة".
ولحل هذه المعضلة، يتوقع حديد، أن التنظيم سيلجأ إلى إعلان رفضه الإقصاء عامة لأي طرف من الترشح للانتخابات، فينفتح الباب أمام أنصار النظام السابق، مع التنسيق المسبق فيما بينهما بخوض الانتخابات كتيار واحد، ويوظفون في نفس الوقت شعارات المصالحة والأخوة ومواجهة تيار الديكتاتورية حسب زعمهم، حتى يصلوا إلى تقاسم السلطة في حالة الفوز.
وكان خالد المشري فيما يخص النظام السابق، قال في مداخلته على تطبيق "كلوب هاوس" إنه "يحاول الآن فتح صفحة جديدة مع النظام السابق، تقوم على العفو والمصالحة ونسيان الماضي وطيه"، وإن جزء كبير من النظام السابق شارك في حكومات قادها ما يعتبره "تيار الثورة" بحسب ما نشره موقع "ليبيا برس"، في إشارة التيار الذي يتزعمه تنظيم الإخوان.
ومن أسباب القلق من ترشح المشير حفتر، يتابع حديد، أنه حال فوزه فهذا يعني "محاسبة من أفسدوا الحياة السياسية بليبيا لعقود طويلة".
قدرات حفتر
في الاتجاه نفسه، يتوقع الباحث السياسي الليبي، الهادي عبد الكريم، أن "حفتر هو الوحيد القادر على إنهاء المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون بعد انتخابه، وذلك في أيام معدودة، خصوصا وأن الشرعية في ليبيا ستكون واحدة في حينها"؛ ولذا "فأكثر الأبواق الإخوانية المهاجمة للمشير حاليا هي التي تروج لـ"منافسين" آخرين منهم وزير الداخلية السابق في حكومة السراج فتحي باشاغا".
وبالتزامن، تستمر الشخصيات التابعة للإخوان، رغم توليها مناصب رسمية رفيعة، في حملتها ضد الجيش الليبي والمشير حفتر واتهامهما بالصفات التي تشتهر بها في الأساس ميليشيات الإخوان، ومن ذلك أن خالد المشري وصف الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر بأنه "ميليشيا خارجة عن القانون".
وأضاف في بيان صدر عن المجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه، مايو الماضي، أن "عملية الكرامة" التي أطلقها الجيش بقيادة حفتر عام 2014 هي "محاولة للانقلاب العسكري"، وأنه "كلما اقترب الليبيون من التوصل لتسوية سياسية يلوح حفتر بالقوة ولغة السلاح".
وجاء ذلك في نفس اليوم- 29 مايو- الذي قدم فيه الجيش الليبي استعراضه العسكري الكبير في ذكرى معركة الكرامة التي أطلقها الجيش الليبي 2014 ضد الميليشيات الإرهابية، وانتهت حتى الآن إلى تطهير شرق ليبيا منها