بعد نجاحه الكبير في استقبال بابا الفاتيكان، في زيارة استمرت أياما عدة خلال شهر مارس الماضي، استقبل العراق قادة مصر والأردن في إطار قمة ثلاثية، بحثت التعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب وغيرها من الملفات.
وبحسب مراقبين، فإن مجرد عقد القمة، يؤكد استعادة العراق للثقة العربية والدولية، فالأمن فيه مستتب إلى لدرجة تسمح بتنظيم مؤتمرات قمة، واستقبال رؤساء وملوك الدول الأخرى على أرض العراق، بعد سنوات من الفوضى.
وأظهر مشروع "الشام الجديد" الاقتصادي الذي بحثته القمة الثلاثية وكان بمثابة عنوان لها يكشف أن بغداد تسعى لدور محوري في العالم العربي، وذلك عبر السعي لبلورة مظلات تعاون عربية متعددة، تبعا للقرب الجغرافي، وفق هؤلاء المراقبين، والتعاون الثلاثي يمكن أن يشكل البداية فقط.
ويقول الأستاذ في جامعة بغداد، حسان الشمري، لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه القمة تأتي في وقت حساس جدا، خاصة والمنطقة ماضية نحو مقاربة جديدة، وعملية تحول في السياسات الدولية نحوها، وهي تأتي كترجمة لرغبة العراق في العودة للمحيط العربي، وتعزيز هذه القناعة لتتحول إلى ارادة ملموسة ومجسدة سياسيا، وفي المقابل فإن هذا الوجود العربي الكبير ممثلا في مصر والأردن في العراق، يعبر عن الرغبة العربية القوية للعودة للعراق".
وأضاف أن "الرسالة الأهم من هذه القمة هي لإيران وأتباعها في العراق، بأن العراق الرسمي لن يقبل بابتلاع البلد بشكل كامل من قبل المحور الإيراني، وهو يسعى لوضع حد لتدخلات طهران في القرار العراقي ولا سيما الخارجي".
وتابع الشمري: "لهذه القمة خصوصية، كونها تنعقد في ظروف حرجة، ووسط بروز ملفات ملتهبة وتحديات إرهابية واقتصادية وصحية، وهي تندرج كجزء في سياق العمل العربي الناضج لمواجهتها وتذليلها".
وأردف: "العراق يحاول تأسيس شراكات عربية متعددة، تعتمد على تكاتف وتشارك مختلف الأقاليم والمناطق العربية، وجعلها منصة للعمل العربي المشترك الواسع، فهو ومع مشروع الشام الجديد وهذا التعاون الثلاثي مع مصر والأردن، يعمل في الآن عينه على توسيع شراكاته مع منظومة بلدان الخليج العربية، وخاصة السعودية والإمارات والكويت، في سعي لتشكيل جملة منظومات تكامل عربية بين مجموعات قليلة العدد من الدول في كل منظومة، وبما يسهم في التأسيس لمنظومة تعاون عربية شاملة وجامعة".
وقال الشمري، وهو أيضا رئيس مركز التفكير السياسي في العراق: "أثبتت هذه القمة تحكم الأجهزة الأمنية العراقية بالأوضاع على أعلى المستويات وباحتراف، وقدرتها على ضبط الأمور والتحكم بمجريات القمة أمنيا وبروتوكوليا، لكن أعتقد في هذا الإطار أن السلاح خارج إطار الدولة، وإن لم يبدر منه أي رد فعل تشويشي مباشر، لكنه عموما يحاول عرقلة عودة العراق للمنظومة العربية، ووضع العصي في هذه العجلة وخلق الفوضى (...)".
من جانبه، يحذر معلق سياسي عراقي فضل عدم التطرق لاسمه:"من مغبة الاستهانة بردود فعل إيران على هذه القمة، فطهران لديها أوراق كثيرة في العراق".
وأضاف "هي (إيران) لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التطور الكبير في العلاقات العراق العربية، وستسعى لعرقلة هذا التطور وكبحه بشتى السبل، ما يقتضي التنبه له والتحوط من الآن، من قبل بغداد وكبريات العواصم العربية".