أصبح الإعلام الإخواني المتمركز في تركيا في وضع لا يحسد عليه، خاصة بعد قرارات الأخيرة بوقف برامج سياسية لعدد من الإعلاميين المنتمين لتنظيم الإخوان.
كذلك لوحت تركيا بقطع البث نهائيا عن القنوات الفضائية التي تبث من أراضيها خطابا معادياً للدولة المصرية منذ عام 2014.
ويأتي ذلك كله في وقت تشهد منظومة الإعلام الإخواني (الإلكتروني والمرئي والمقروء) حالة من الانهيار التام بسبب فشلها الذريع في تحقيق أي أهداف رسمت لها منذ سقوط التنظيم في مصر.
ويرى مراقبون أن انهيار المنظومة الإعلامية للإخوان التي استُخدمت كأحد، أهم الأدوات لتصفية الخصومة السياسية مع مصر وعدة دول عربية، بالتحريض وبث الشائعات واستهداف الأمن القومي لتلك الدول، سيؤثر بشكل كبير على إضعاف نشاط التنظيم وكتابة آخر فصول نهايته.
ومن جهة أخرى يتوقع مراقبون أن تلجأ القنوات الفضائية التابعة للتنظيم إلى حواضن آمنة جديدة، لمواصلة الهجوم على مصر خاصة بعد أن جاء رد مصر قاطعا ورافض تماما لأي حديث عن المصالحة مع التنظيم، خلال الفترة المقبلة، مؤكدين أن التنظيم يعمل من خلال الإعلام المعادي والكتائب الإلكترونية للضغط على الدولة في مصر بشكل أساسي.
وأعلنت السلطات التركية نهاية مارس الماضي وقف كافة البرامج السياسية للقنوات الإخوانية التي تبث من أراضيها، والتزامها بسياسات إعلامية محددة والتوقف عن نهج العداء والترويج للشائعات وإثارة القلاقل وذلك في إطار حرص أنقرة على إقرار التفاهم مع القاهرة.
أدوات الحرب الإخوانية
ووفق الكاتب السياسي هاني عبدالله، اعتمد تنظيم الإخوان على الإعلام سواء من خلال وسائله التقيدية أو اللجان الإلكترونية التي انتشرت عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، كأداة ضمن أدوات الحرب التي شنتها على مصر عقب سقوطها المدوي عن الحكم إثر الثورة المصرية في عام 2013.
ويقول عبدالله في تصريح لـموقع "سكاي نيوز عربية" إن التنظيم الدولي للإخوان اعتمد على الإعلام كما الإرهاب، في نشر الفوضى محليًا، واستدعاء حالة "المظلومية التاريخة" دوليًا، مشيراً إلى أن الجماعة سخرت تمويلات ضخمة لمنظومة الإعلام لجعلها أهم أدوات إعادة الجماعة "الساقطة"، بحكم الثورة الشعبية إلى المشهد السياسي في مصر.
شبكات إعلامية وشراكات دولية
ويوضح عبدالله أن الخطة الإعلامية للجماعة اعتمدت على محورين؛ الأول على محورين رئيسيين، الأول تأسيس شبكة إعلامية تضم قنوات تلفزيونية ومواقع إخبارية ضخمة، وتأسيس شراكات مع عدد من الصحف والمجلات والمواقع الإخبارية الدولية ذات المتابعة الكبيرة والثقة لدى الجمهور من خلال المساهمة المباشرة أو ضخ الإعلانات والمقالات المدفوعة.
ويعتمد المحور الثاني على تأسيس شبكة ضخمة للإخوان تبث المحتوى الذي يحث على الفوضى وينشر الشائعات عن مصر والمنطقة العربية، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، والاعتماد على شخصيات بارزة ودولية وتحظى بمتابعات مليونية لبث الأخبار والأفكار المسمومة من خلالها.
وبحسب عبدالله استحدث تنظيم الإخوان الإرهابي داخل "مركزها الإعلامي" مجموعة جديدة من الوحدات لتكثيف الدعاية السلبية ضد الدولة المصرية في ظل حرب ممنهجة، منها وحدة الرصد والمتابعة، التحليل السياسي، وحدة النشر وانتاج المضامين.
دور تركي خطير
ويشير الكاتب المصري إلى الدور الخطير الذي لعبته المخابرات التركية في تقديم كافة أشكال الدعم لتلك المؤسسات التي كانت تعمل من على أراضيها، موضحاً أنه بالتزامن مع دعم عديد من أجهزة الاستخبارات لتأسيس كيانات حركية عنيفة من شباب الإخوان داخل مصر فإن قيادات التنظيم الهاربة بتركيا، هى الأخرى (عبر الأجهزة الاستخبارية ذاتها) كانت تحاول حشد "منافذ التنظيم الإعلامية" لتهيئة الرأى العام لتقبل هذا العنف.
هل هناك خطة بديلة؟
من جانبه، يرى الباحث المصري المنشق عن الإخوان، إبراهيم ربيع، أن التنظيم قد يضطر لنقل كافة المنابر الإعلامية التابعة لها خارج تركيا، مع الاحتفاظ بمكاتب ممثلة للقنوات الفضائية في الداخل، ولكن يبقى الأمر مشروط بمدى جدية الحكومة التركية في تنفيذ قرارتها بشأن وقف الخطاب التحريضي الذي تبثه هذه القنوات من أراضيها ضد مصر.
وبحسب ربيع، يستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإخوان كورقة ضغط في مفاوضاته مع مصر، مشيرا إلى أن المنصات الإعلامية توقفت عن الهجوم والتحريض لمدة نحو 10 أيام، بعد إعلان تركيا رغبتها في التقارب مع مصر لكنها عادت مؤخرا لخطابها التحريضي، مشيرا إلى أن الحكومة التركية ربما تراجعت عن قيودها في إطار المراوغة السياسية التي يمارسها أردوغان بشكل مستمر.
وعبر عن اعتقاده بأن قنوات التنظيم ستعود للهجوم على مصر من تركيا في حال أعلنت القاهرة رفض التفاهمات مع أنقرة، مشيرا إلى أنه أمر وارد، واصفا الإعلام الإخواني بأنه أداة وظيفية يتم استخدامها وتوجيهها وفقا لأغراض سياسية محددة.
وأشار إلى أن لندن تمثل ملاذا آمنا للإخوان خاصة أنها تحتضن مكتب الإرشاد في الوقت الحالي بقيادة إبراهيم منير، ويحظى الإخوان في بريطانيا بنفوذ كبير بدعم المخابرات البريطانية على مدار السنوات الماضية.