في تطور هو الأبرز من نوعه، تمكنت القوات العراقية، من إسقاط طائرة مسيرة مفخخة، ليل الأربعاء الخميس، قرب معسكر أمني في العاصمة بغداد، ضمن أسبوع ساخن، عقب دخول "الدرونز" إلى ساحة المواجهة بين الميليشيات المدعومة الإيرانية والقوات الأميركية.
ولم يسبق للقوات العراقية، أن عثرت على طائرة مسيرة مفخخة، إلا في حالة سابقة، العام الماضي، بمنطقة الجادرية شديدة التحصين، وهو ما يشكل تحولاً كبيراً في استراتيجية استخدام تلك الطائرات.
كما أعلنت خلية الإعلام الأمني، إسقاط طائرة مسيرة أخرى في بغداد.
وقالت الخلية في بيان إن "قوات قيادة عمليات بغداد أسقطت طائرة مسيرة ثانية جنوبي العاصمة وذلك بعد دقائق من نشرها بياناً أولَ يفيد بإسقاط طائرة محملة بالمتفجرات قرب معسكر الرشيد".
ويأتي إسقاط هاتين الطائرتين، عقب هجمات تعرض لها مطار بغداد، الإثنين الماضي، بطائرة مسيرة، أيضاً حيث تتمركز قوات أميركية، ولم تخلف خسائر مادية أو بشرية.
كما تعرضت قاعدة "فيكتوريا" التي تضمّ عسكريين أميركيين في مطار بغداد لهجوم بطائرات مسيرة، الخميس الماضي أيضاً.
ودأبت الميليشيات الموالية لإيران في الآونة الأخيرة على استخدام الطائرات المسيرة بشكل متزايد ضد المصالح الأميركية والعراقية، وسط توتر بين واشنطن وطهران.
تهديد الخزعلي
وجاء هذا التصعيد اللافت، بعد إعلان زعيم ميليشيات عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، المدرج على لائحة الإرهاب الأميركي، أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، بشأن الفصائل "لن تنفعهم"، فيما تحدث عن تصعيد مرتقب.
وقال في تصريح: إن "الإصرار على إبقاء القوات العسكرية الأميركية يعني عدم جدوى الطرق السياسية والسلمية في خروجهم، وأن خيار المقاومة شرعي، وهو الوحيد لإجبار القوات الأميركية على الخروج".
وبحسب الخزعلي فإن فصائل ما أسماها بالمقاومة "لن تتوقف مطلقا عن الخيار العسكري إلا بالخروج الفعلي للقوات الأميركية"، معلنا عن قرار للتصعيد "بدأ تطبيقه بالفعل وعلى الأميركان أن يتأكدوا أن الجهوزية للرد حاضرة".
ويقول النائب في لجنة الأمن بالبرلمان العراقي، عباس صروط، إن "جهات كثيرة خارج العراق، وداخله تمتلك تلك الطائرات، مثل الفصائل المسلحة، وكذلك عناصر داعش، لذلك علينا في بادئ الأمر تحديد الجهة التي تسعى إلى تلك الأعمال، ومعرفة هدفها وغايتها، ومن ثم اتخاذ موقف حاسم تجاهها".
ويضيف النائب العراقي لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "العراق أصبح ميداناً للصراع الإقليمي والتنافس الداخلي"، مشيراً إلى أن "لجنة الأمن والدفاع ستعقد اجتماعاً لبحث تداعيات هذا الأمر، وانعكاسه على الوضع العام للبلاد".
ولفت إلى أن "هناك جهات تريد الإضرار بالعراق منها إقليمية وأخرى داخلية".
تفاصيل مثيرة
ويقول مراقبون عراقيون إن هذا الأسلوب في الهجمات هو تكتيك جديد، تتبعه الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، من أجل إجبار الأميركان على ترك العراق ومغادرته.
مصدر في قيادة العمليات المشتركة، قالت إن "الطائرة التي أسقطت ليل الأربعاء الخميس، كانت قادمة من مناطق شرقي بغداد، ومتوجهة إلى وسط العاصمة، حيث تم رصدها في معسكر الرشيد، من قبل الوحدة المكلفة، وتم التواصل مع مختلف القيادات الأمنية، والقطعات العسكرية، بشأن عائدية تلك الطائرة، لكن مختلف صنوف القوات الأمنية، أكدت عدم إرسالها أي طائرة، وعدم وجود مثل هذا النشاط".
وأضاف المصدر لموقع "سكاي نيوز عربية":"ثم اتُخذ القرار سريعاً بإسقاطها، عبر إطلاق النار عليه من قبل أحادية".
وتابع: "التحقيقات الأولية أثبتت أن الطائرة إيرانية الصنع من نوع شاهد X، وهي تشابه في بعض تصاميمها تلك التي يمتلكها الحوثيون، ويشنون بها هجماتهم"، لافتاً إلى أن "تفخيخ الطائرة كان عبارة عن زرع قنابل بداخلها، معدة للانفجار مع الارتطام الذي قد يحصل، لكن القوات الأمنية تمكنت من تفجيرها في الجو".
تحد جديد
ووجدت القوات العراقية نفسها أمام تحدي الطائرات المسيرة، التي بدت جديدة على ساحة البلاد الأمنية، وهو ما يصعب مهام متابعتها ومراقبتها، وإسقاطها، ويكلفها جهداً إضافياً، في ظل النقص الحاصل بالمعدات والتكنلوجيا المستخدمة من قبل المؤسسة العسكرية.
ومما يصعب مهام القوات العراقية أمام حرب الدرونز الإيرانية، هي استهدافها المتواصل للبعثات الدبلوماسية، والغربية، والمنشآت الحيوية في البلاد، مثل المطارات والقواعد العسكرية الحسّاسة مثل قاعدة بلد الجوية، مما يعني حصول "كارثة" في حال إصابة إحدى تلك المسيرات هدفها، مثل استهداف السفارة الأميركية أو البريطانية، أو السقوط على المطار الدولي.
ومؤخراً تصاعدت التحذيرات الأميركية، بشأن هذا النوع من السلاح، الذي دخل الساحة العراقية، حديثاً، حيث تؤكد القيادات العسكرية في البنتاغون أن الجهود جارية لتطوير أنظمة دفاعية لاحتواء خطر الطائرات المسيرة.