يتعرض الحزب الدستوري الحر في تونس إلى جملة من الضغوط اعتبر مراقبون بأن مردها تخوف الجماعات الإسلامية من تقدم الحزب في المراتب بكل استطلاعات الرأي المتعلقة بالانتخابات القادمة، ووصفها الحزب بالحملة الممنهجة ضده وبأنها محاولات لتفكيكه من قبل حركة النهضة.
وأعلن الحزب الدستوري الحر أنه سينظم وقفة احتجاجية السبت، للتنديد بما يتعرض له من ضغوطات.
وقالت رئيسة الحزب عبير موسي، إن وفاقا إجراميا من أجل الضغط السياسي يستهدف حزبها تحت غطاء حكومة هشام المشيشي التي تسمح باستباحة كل معارض لها.
وأوضحت موسي أن خصومها روجوا أخبارا خاطئة لإيهام الرأي العام بأن الحزب الدستوري الحر مهدد بالتفكك، معتبرة أن الحملة التي تستهدف قيادات وهياكل ومنخرطي الحزب وأعضاء كتلته البرلمانية هي تنفيذ لما يطلبه رئيس البرلمان راشد الغنوشي من بعض الأشخاص مقدما لهم وعودا بالإفلات من العقاب خاصة مع صمت النيابة العمومية على الاعتداءات التي تسلطت على قيادات الحزب وهياكله، فبعد تعرضهم بشكل متكرر للقمع والعنف والتمييز داخل أسوار البرلمان، هضمت حقوقهم وحرياتهم الأساسية، ومنعوا من التعبير والتظاهر خارجه.
واعتبر الناشط والمحلل السياسي بوبكر صغير في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ما يحدث من تقييد لنشاط الحزب الدستوري الحر هو سابقة خطيرة في تاريخ العمل السياسي نظرا لأهمية الحزب واكتساحه للساحة السياسية وفق ما تبرزه استطلاعات الرأي بشكل دوري وهو ما أزعج حركة النهضة التي بدأت تعمل بشدة على ضرب نجاح الحزب خوفا من منافسته لها في الانتخابات، والعمل على تعويضه بحلقات ضعيفة لا تقوى على منافستها.
وأضاف بوبكر أن حركة النهضة "استشعرت الخطر من نجاح الحزب الدستوري الحر في الداخل، وكلفت أشخاصا بضربه على أكثر من مستوى حتى يتسنى لها تفتيته كقوة معارضه لها، كما تخوف الحزب الإسلامي من لفت الدستوري الحر الأنظار في العالم العربي لأن زعيمته امرأة".
ودعا المحلل السياسي المنظمات الدولية لتحمل مسؤوليتها في حماية الحزب من أجل استكمال المسار الديمقراطي في تونس، فيما انتقدت عبير موسي صمت المنظمات الوطنية والجمعيات الناشطة في المجال الحقوقي على التعسف والديكتاتورية الإخوانية الموجهة ضد الحزب الدستوري الحر، وقالت إنهم "يعتمدون سياسة المكيالين في إصدار المواقف المنددة بانتهاكات حقوق الإنسان والانحراف عن المبادئ الجوهرية للعمل الحقوقي الذي يقتضي عدم الفرز بين ضحايا الانتهاكات حسب الانتماء الفكري والسياسي".
اتهامات وقضية ضد الدستوري الحر
وكانت رئاسة الحكومة التونسية قد أعلنت هذا الأسبوع، عن رفعها قضية ضد النّائبة عبير موسي وبقية نواب كتلة الدستوري الحر، على خلفية ما أسمته بتهجمهم وتهديدهم لوزيرين، أثناء حضورهما لجلسة في البرلمان.
وأوضحت الحكومة في بيان رسمي، أن الأفعال التي ارتكبها نواب كتلة الدستوري الحر ضد وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي ألفة بن عودة ووزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي خلال الجلسة العامة ليوم الاثنين، تعدا تهجما وتهديدا.
ونشرت موسي على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي تسجيلا كاملا لما جرى في البرلمان، حيث طالبت هي وأعضاء كتلتها برحيل وزيرة التعليم العالي، وحكومة هشام المشيشي، ونددت بالقمع الذي استهدف حزبها ومنعه من حقه في التظاهر.
وجاءت هذه الاحتجاجات في جلسة عامة مخصصة لتوجيه أسئلة إلى وزراء الشؤون الاجتماعية والتعليم العالي والبحث العلمي والشباب والرياضة والإدماج المهني، وهو ما دفع برئاسة الجلسة لاتخاذ قرار بتعليقها واعتبار احتجاج نواب الدستوري الحر ورفع شعار (ارحل) في وجه الوزراء، اعتداء عليهم.
وفي ذات السياق، طالبت كتلة حركة النهضة النيابة العمومية بالإذن بفتح تحقيق فيما أقدمت عليه رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، ووصفته بالجرائم في حق مجلس نواب الشعب، وفي حق عضوي الحكومة.
ووصف النائب عن كتلة الدستوري الحر كريم كريفة، ما يتعرض له الحزب من البرلمان والحكومة، بالحملة الممنهجة لخدمة شيخ الإخوان راشد الغنوشي، مضيفا في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن النهضة "متخوفة من تقدم الحزب الدستوري الحر على مستوى استطلاعات الرأي، وفي تناول هموم المواطنين، وقدرته على التعبير عن مطالبهم الحقيقية".
وبيّن كريفة أن "المساعي لتعطيل مؤتمر الحزب المنتظر في أغسطس القادم ستبوء بالفشل، لأن مؤتمر الحزب سينعقد بشكل قانوني وديمقراطي في موعده، بينما تعجز حركة النهضة عن عقد مؤتمر حزبها بشكل شفاف وفي موعده بسبب سيطرة الغنوشي على الحزب الظلامي منذ أكثر من أربعين عاما".
جدير بالذكر أن مجموعة من مؤسسي الحزب الدستوري الحر والذين تم تجميد عضويتهم سنة 2016 عقدوا مؤتمرا صحفيا للمطالبة بأحقيتهم في المشاركة في المؤتمر الانتخابي القادم للحزب وطي صفحة الماضي، مهددين باللجوء للقضاء لإبطال أشغال المؤتمر ونتائجه في حال عدم التجاوب معهم، بينما ردّ مقربون من الحزب الدستوري بأن المعزولين من الحزب لا يملكون الصفة القانونية للتحدث باسمه وقد تم إعفاؤهم من مهامهم صلب الديوان السياسي للحزب وطردهم منذ سنة 2018 وهم اليوم مدفوعين من قبل حركة النهضة للتشويش على نجاح الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي.