تشهد تونس حالة من الغليان على وقع الاحتجاجات السياسية والشعبية المتصاعدة ضد حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في البلاد من جهة، والحكومة التونسية من جهة أخرى.
وفي الأثناء، تزداد الأزمة بين أطراف ومكونات العملية السياسية في الداخل إلى حد غير مسبوق، خاصة بعد وقوع اشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة، تسببت في إشعال تظاهرات غاضبة في عدة مناطق.
واستمرت الاحتجاجات الغاضبة في البلاد لليوم السابع، الاثنين، فيما عمد المحتجون إلى قطع الطرق وإشعال العجلات المطاطية في منطقة سيدي حسين غربي العاصمة تونس.
وكانت التظاهرات قد اشتعلت لعدة أسباب، أهمها وفاة الشاب أحمد بن عمار بعد إيقافه من قبل دورية شرطة، وحادثة سحل الشاب فادي وضربه وتجريده من ثيابه، في حادثة صدمت الرأي العام في تونس.
من جانبها شنت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، هجوماً حاداً على الحكومة خلال جلسة للبرلمان التونسي، عُقدت صباح اليوم لسؤال بعض الوزراء، واتهمتها بأنها "حكومة فاشلة"، وخلال الجلسة رفع عدد من النواب لافتات للمطالبة بإسقاط الحكومة كُتب عليها "ارحل".
وقالت موسي في كلمتها أمام البرلمان: "من يدخل لقاعة الجلسات الآن من الوزراء سيقع طرده"، قائلة: "لا نريد قبول أي وزير من هذه الحكومة".
وكانت موسي طالبت في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، برحيل حكومة المشيشي، مضيفة: "نطالب حكومة تونس بالتراجع عن رفع الأسعار ونطالب بإسقاط الغنوشي من رئاسة البرلمان".
وتابعت: "نحن هنا لتحرير المجلس وإسقاط الغنوشي ورحيل المشيشي. نحب حكومة وطنية من اختيارنا لا علاقة لها بالإخوان حتى يسترجع الشعب قوته".
وكانت موسي أعلنت الدخول في اعتصام مفتوح مطلع الشهر الجاري، وذلك بعد انطلاق مسيرات حاشدة مطالبة بتحرير البرلمان من سيطرة الإخوان، في حين أطلق المتظاهرون شعار "يسقط يسقط حكم المرشد"، في إشارة إلى مرشد جماعة الإخوان.
ويرى الكاتب السياسي التونسي، نزار جليدي، أن الحراك السياسي المكثف الذي يحدث داخل تونس في الوقت الحالي سيقود للعديد من التغييرات على مستوى القيادات ودوائر صنع القرار، فيما وصفه بأنه "أيام الإخوان الأخيرة".
ويقول جليدي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" إن هناك عدة أسباب أدت لتأجيج الوضع السياسي في البلاد إلى هذا الحد، أهمها ارتفاع الأسعار، وعودة الممارسات البوليسية والقرارات العشوائية لحكومة المشيشي، فضلا عن الأزمات المتعمقة بين مختلف القوى السياسية في البلاد، خاصة ما يتعلق برفض الأحزاب السياسية لتواجد حركة النهضة، على رأس البرلمان، بعد أن ثبت بالأدلة القاطعة أنها تعمل لصالح ولاءات خارجية، تتعلق بأجندات إخوانية وليست وطنية.
ويشير جليدي إلى الأزمة المتفاقمة أيضاً بين النهضة والرئيس التونسي قيس سعيد، فيما يطلق عليه "محاولة إقصاء الرئيس"، مشيراً إلى أن النهضة قد تجاوزت كافة القيم القانونية والمعايير الدستورية في تحركاتها السياسية خلال الفترة الماضية سواء ضد الرئيس أو القوى السياسية.
ويصف جليدي ما يحدث داخل مجلس النواب التونسي بأنه "خراب سياسي"، مشيراً إلى أن ممارسات النهضة الإخوانية والقوى المتحالفة معها قد تجاوزت حد "المراهقة السياسية، مشيراً إلى أن "النهضة" هي المحرك الرئيسي للأحداث في تونس ويتم استغلال الحكومة لتمرير قراراتها.
وفي مجمل حديثه، أثني الكاتب التونسي، على الجهود التي يقوم بها نواب المعارضة وفي مقدمتهم، رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، لمواجهة التحركات الإخوانية والفوضى الحكومية، مشيراً إلى قرار موسي بتعطيل جلسات البرلمان للاعتراض على ممارسات الحكومة في الجلسة المنعقدة صباح اليوم الاثنين.
ويصف جليدي حركة النهضة بـ"الحرباء المتلونة" التي تغير سياستها وفق العرض والطلب، وتضع في حسابتها الأهم الأجندة الخاصة بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان وليس الأولويات الوطنية مؤكداً، أنها بعد أكثر من 10 سنوات من الحكم في تونس فشلت تماما في تقديم أي إضافة للساحة السياسية في البلاد وأصبحت مكشوفة أمام الشعب التونسي.
وفي الوقت نفسه، يؤكد جليدي أن راشد الغنوشي يعيش أزمة تاريخية بسبب الصراعات المحتدة حوله على زعامة الحركة وأن عناصرها يرون أنه لم يعد مناسبا لمنصبه، وهو ما دفع عدد كبير منهم للانشقاق بسبب تمسكه بالحكم، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نهاية الحركة على أيدي عناصرها، بسبب الصراع الداخلي، فضلا عن الضغط الذي تمارسه عليها المعارضة السياسية التونسية، وأيضا الصراع غير المريح بين الرئيس التونسي وزعيم الحركة راشد الغنوشي الذي يشغل منصب رئيس البرلمان.