تعرضت قاعدة "عين الأسد" العسكرية في العراق لهجومين متتالين بطائرات عسكرية مُسيرة خلال الساعات الـ 24 الماضية، مما يغذي المخاوف الأميركية بشأن حلول طائرات "درون" محل الصواريخ، في وقت يتوقع مراقبون أن يؤدي الأمر إلى رفع سقف المواجهة الأميركية الإيرانية على أرض الرافدين.
وتتمركز في القاعدة الموجودة في محافظة الأنبار غربي البلاد قوات أميركية، سعى مطلقوا الطائرات المسيرة إلى استهدافها على ما يبدو.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد ذكرت قبل أيام عدة أن الميليشيات الموالية لإيران في العراق حصلت على أسلحة متطورة من بينها طائرات مسيرة.
وزاد القلق الأميركي بحسب الصحيفة نتيجة لجوء الميليشيات إلى تنفيذ هجمات على المصالح الأميركية بواسطة طائرات مسيرة.
وكانت قيادات عسكرية أميركية وصفت في وقت سابق الطائرات المسيرة في العراق بأنها تمثل أكبر مصدر قلق ضد الجنود الأميركيين هناك.
وقال قائد القيادة الأميركية الوسطى، كينيث ماكنزي، إن الطائرات المسيرة تشكل تهديدا خطيرا، لافتا إلى أن جيش بلاده يسارع إلى ابتكار طرق تكنولوجية لمكافحتها.
الهجمات الماضية بالصواريخ
وفي الماضي، كانت الهجمات التي تستهدف القواعد الأميركية تتم باستخدام صواريخ الكاتيوشا عادة، وتتهم واشنطن ميليشيات الحشد الشعبي العراقية المُرتبطة بإيران وأجندتها بالوقوف وراء هذه الهجمات.
وأسفر الهجوم الأول على قاعدة عين الأسد الجوي عن وقوع إصابات وصفت بـ"غير القاتلة" داخل القاعدة العسكرية المُحصنة للغاية، فيما تمكنت منظومة الدفاع الجوية ( C-RAM) من إسقاط طائرتين مُسيرتين بالقُرب من أسوار القاعدة.
نوعية الهجمات الجديدة تشبه تلك التي طالت شهر أبريل الماضي قاعدة التحالف الدولي بالقُرب من مطار أربيل في إقليم كردستان العراق، مما أدى إلى إصابة خزنات الوقود في القاعدة، وكانت مهمة التحقيق في الهجوم معقدة خاصة لجهة اكتشاف منصة انطلاق هذه الطائرات، بخلاف الحال في منصات صواريخ كاتيوشا.
الدفاع الجوي ليس كافيا
وخلال الأشهر الـ20 الماضية تعرضت القوات والمصالح الأميركية في العراق لأكثر من 300 هجوم حسب تصريحات وزارة الدفاع الأميركية، لكنها لم تحقق خسائر كُبرى في أوساط القوات الأميركية، إذ لم تؤدي إلا بحياة أربعة أميركيين، إلى جانب 25 ضحية من العراقيين والجنسيات الأخرى.
وينسب الفضل في انخفاض حجم الخسائر إلى أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ المهاجمة.
لكن هذا الأمر قد ينقلب رأسا على عقب في حال استعمال الطائرات المسيرة عوضا عن الصواريخ، خاصة أن أنظمة الرادارات لا تسطيع كشفها بسهولة.
وقال خبراء عسكريون أميركيون إن تحليل حطام الطائرات المهاجمة تثبت بأنها إيرانية الصُنع، وأن التقنية التي اُستُخدمت في هذه الطائرات تشبه تماماً تلك التي تستخدمها بقية الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة، مثل ميليشيات الحوثي في اليمن.
وأكدوا أن الطائرات المُستخدمة تتجاوز في حجمها نوعية "دورن" العادية، وأنها تستطيع حمل نوعيات وأحجام متعددة من المتفجرات، التي قد تصل حتى 30 كيلو غراماً.
ومما يزيد من خطورة الطائرات المسيرة هو أن المراقبة عبر الأقمار الصناعية يمكن استخدامها لتغطية أجزاء فقط من العراق، ولفترات مُعينة محدودة، ولا يمكنها تتبع الأهداف المتحركة.
الطائرات إيرانية
وتعتقد أجهزة الاستخبارات الأميركية، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" بأن فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني هو من يتولى تطوير ونقل هذه النوعية من الطائرات إلى ميليشيات إيران في العراق، وأن الفيلق ينتظر النتائج الأولية لهذه الهجمات، ليحدد الاستراتيجية التي سيستخدمها حسبها.
ووقعت الهجمات الأخيرة التي استهدفت القوات الأميركية بالعراق بعد أيام معدودة على نشر وكالة الأنباء الإيرانية "تنسيم" خبرا يتحدث عن نوع جديد من الطائرات التي يُنتجها الحرس الثوري الإيراني، أكبر حجماً من الطائرات التقليدية التي يمتلكها الحرس الثوري.
وقالت إن الطائرة الجديدة قادرة على الطيران لمدة 35 ساعة متواصلة، ولمدى يصل إلى 2000 كيلومتر، وحمل 13 قنبلة يصل وزنها إلى نصف طن من المتفرجات، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من مُعدات الإشارة والاستطلاع، حسب الوكالة الإيرانية.
تداعيات خطيرة
ومن ناحيته، قال الباحث في الشؤون الأمنية، عبد الحميد النزال، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" إن هناك تغيرات قد تطرأ على المشهد العسكري والسياسي في المواجهة الأميركية الإيرانية في الداخل العراقي إذا ما تحولت الطائرات المُسيرة إلى أداة الفصائل الموالية لإيران في مواجهة القوات الأميركية.
وأوضح: "استراتيجية الطائرات المُسيرة سوف ترفع من مستويات المواجهة، لأنها ستوقع مزيداً من الضحايا، وحيث أن الولايات المُتحدة وقتها مُجبرة على الرد".
وتابع: "فالهجمات الصاروخية التي كانت تطال القواعد العسكرية حتى الآن كانت قابلة للاحتواء من قِبل الطرف الأميركي، والرد أحياناً في مواضع بذاتها، خصوصاً ضد قواعد الحشد الشعبي على الحدود السورية العراقية، لكن تلك الصفحة سوف تُطوى مع دخل الطائرات المُسيرة، التي ستكون مجهولة الجهة غالباً، وتالياً سيكون ثمة مواجهة أميركية إيرانية مباشرة".
وحسب النزال، فإن استخدام الطائرات المُسيرة سيسمح بتصغير أحجام وظهور القوة الضاربة، إلى مجموعات تقنية تُعد بالعشرات، تنفذ مهام مطلوبة منها بكل دقة، وبتكلفة مالية واستخباراتية أقل مما هي المجموعات المؤلفة من عشرات الآلاف من المقاتلين.