كشفت مصادر مطلعة لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن محاولات من جماعة الإخوان في ليبيا، لإرساء مبدأ المساومات في المفاوضات الجارية حول توزيع المناصب السيادية، حيث عرضوا التخلي عن محافظ مصرف ليبيا المركزي المدعوم منهم، الصديق الكبير، مقابل تولي أحد الأشخاص رئاسة المفوضية الوطنية للانتخابات من بين أربعة مرشحين طرحوهم كبدلاء لرئيسها الحالي عماد السائح.
ورجحت المصادر أن يكون الإخوان راغبين في السيطرة على مفوضية الانتخابات، ما يمكنهم من دعم وجهة النظر التي يروجون لها حاليا، وهي عدم إجراء انتخابات رئاسية مباشرة، أو حتى إرجائها كليا عبر تنظيم استفتاء على مشروع الدستور.
وفي هذا السياق، رأى المحلل السياسي الليبي محمد قشوط، أن الملف تحول من كونه مسألة مهمة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وتوحيد المؤسسات، والدفع بكفاءات، إلى ملف مساومات وتقديم شخصيات على حسب الولاءات.
وشرح قشوط أن هناك خيارين مطروحان حاليا، الأول تضحية الإخوان بالكبير مقابل الإطاحة بالسائح، الذي بات يحظى بدعم دولي لبقائه في منصبه، أو الإبقاء على الأسماء الحالية دون تغيير، مع تكليف وكلاء جدد لهم فقط.
وأوضح أن تنظيم الإخوان مدرك تماما أن هناك توافق داخل مجلس النواب بضرورة حسم ملف المناصب السيادية قبل اعتماد الميزانية لكي يتم ضمان مراقبة الحكومة وتوحيد المؤسسات المالية والرقابية التي لازالت منقسمة حتى يومنا هذا، لذا يحاول تعطيل حسم هذا الأمر، على أمل أن يحدث احتقان شعبي ضد البرلمان بخصوص الميزانية.
ويتفق المحلل السياسي محمد الغرياني مع رأي قشوط، إذ أكد أن مجلس النواب لن يقر الميزانية إلا بعد إنجاز ملف المناصب السيادية وأهمها محافظ المصرف المركزي، مضيفا: "ليس من المنطق تسليم الميزانية ليتولى صرفها الصديق الكبير المدعوم من الإخوان، الذين يسيطرون أيضا على ديوان المحاسبة".
وذكر بأنه لم يتبق أمام حكومة الوحدة الوطنية سوى خمسة أشهر على موعد إجراء الانتخابات العامة في 25 ديسمبر المقبل، وبدون رقابة حقيقية يمكن أن تبدد الميزانية إلى غير الجهات المخصصة لها، وذلك بسبب المسؤولين في المناصب السيادية الموالين لجماعة الإخوان.
محادثات مكثفة
وخلال الأيام الماضية، أجرى أعضاء بمجلس النواب ورئيسه عقيلة صالح محادثات مكثفة مع أعضاء لجنة مجلس الدولة المختصة بفرز ملفات المرشحين للمناصب السيادية، حيث أبدى صالح أمله في حسم هذا الملف في أسرع وقت ممكن، إلا أن الجولة انتهت دون الوصول إلى تفاهمات بعد.
وفي 28 أبريل الماضي، انتهى مجلس النواب من إعداد القوائم النهائية لمرشحي المناصب السيادية، وعلى رأسها منصب محافظ البنك المركزي، وخلت قائمة المرشحين من اسم رئيسه الحالي الصديق الكبير.
وراعى المجلس أكبر قدر من التوافق بين الأقاليم، وتطبيق الشروط التي وضعها الحوار الوطني ولجنة الفرز، لاختيار المرشحين، لحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد، التي تستعد لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية خلال أشهر.
وتضمنت هذه القوائم 9 مرشحين لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، و12 مرشحا لمنصب نائب المحافظ، و40 مرشحا لمنصب عضو مجلس إدارة المركزي.
وبالنسبة لقائمة منصب رئيس ديوان المحاسبة، فاحتوت على 12 اسما لرئاستها من الجنوب الليبي، و11 أسما لوكالتها من الشرق، أما منصب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فتضمنت قوائمه 12 اسما لرئاستها من الغرب الليبي، و10 أسماء لوكالتها من الجنوب، و43 مرشحا لعضويتها من مختلف المناطق.
وفيما يخص منصب رئيس هيئة الرقابة الإدارية فتضمنت القوائم 13 اسما من شرق ليبيا، و18 آخرين لوكالتها من الغرب الليبي، فيما رشح المجلس 11 اسما لرئاسة المفوضية العليا للانتخابات من غرب ليبيا، و47 اسما لعضويتها من مختلف المناطق.
وتعد مسألة اختيار المرشحين لهذه المناصب شديدة الحساسية في هذه المرحلة المطلوب فيها إنجاح المصالحة الوطنية، وهذا يعني أن المهمة ستكون صعبة نظرا لأنها تحتاج مراعاة التوازن في اختيار المرشحين، بما يكفل تمثيلا عادلا للأقاليم الثلاثة: طرابلس (الغرب) وبرقة (الشرق) وفزان (الجنوب)، وهو أمر ضروري من أجل تجنب أي تصعيد أو تجدد للصراعات.